قبض فريق من هيئة الأمر بالمعروف بمكة على وافدة تمتهن أغرب وأشنع مهنة في عالمنا (بيع المواليد) مع ممارستها لمهن أخرى، إذ تقوم إضافة إلى هذا الجرم بمخالفات لا تقل فداحة على نحو إجهاض النساء الحوامل والتستر على الهاربات وبيع وترويج كل ما هو ممنوع ومنكر.

تأتي هذه الحكاية الأليمة والبشعة ليست بوصفها الأولى، بل كأنها عنوان فيلم يكشف أن ما قد يتم تداوله في هذه القصة هو من قبيل الخيال أو محاكاة فرضيات الحياة الواردة إلا أن ما يقع ببشاعته وشناعته ما هو إلا واقع معاش في أماكن كثيرة، بل إن أكثره إيلاما ما قد يقع قرب الحرمين الشريفين في بلادنا، رغم أن الفكرة العامة تظل تحتم علينا النظر بطهر ولو نسبي إلى كل وافد باعتباره قادماً إلى هذه البقاع الطاهرة ليتقرب إلى الله لا أن يدنسها بهذه الموبقات.

هروب الخادمات من مكفوليهم، وغياب السائقين، بل حتى فرار العمال من المزارع أصبح سمة بارزة، إلا أنك قد تجد بعض الأثر لهؤلاء في الأماكن المقدسة، وليس أدل من ذلك إلا هذه الوافدة التي قبضت عليها الهيئة بجرمها المشهود وهي تتستر خلف عملها خادمة منزلية، لتمارس أخطر جريمة ضد الإنسانية.

الأمر الذي يلفت الانتباه وقد يحد من فعالية محاربة العاملة غير النظامية هو كثرة الإجراءات والممارسات الإدارية البيروقراطية في التعامل مع مثل هذه المواقف الخطيرة لا سيما حينما يتم كشف مثل هذه الجرائم إذ تتعدد الجهات فمن الهيئة إلى شرطة المنطقة ومن ثم إلى هيئة الادعاء العام وذلك بحكم الاختصاص.

كما يمكن للهيئة أن تضطلع بمهام محاربة ومكافحة هذا الفساد كأن يسند لها مهام التعقب بنظام واضح وبقرارات محددة وملزمة، لعلها تسهم في كشف مثل هذه الممارسات، لا أن تكون من قبيل المشاركة العاطفية والتعريف بما لديها من قدرات، ومن ثم الانصراف إلى جهود أخرى وكأنها تريد أن تغطي بجهدها المحدود كل شيء.

فلكثرة هذه التجاذبات والتردد في قضية تسليم أي متهم أو مجرم أو صاحب سابقة تكتشف أن الأمر ليس بيد جهة واحدة، مما يعزز فكرة الازدواجية، لاسيما وأن بعض الجهات تتحرز في التعاطي مع بعض أسماء الكفلاء أو أصحاب العمل لمحاباتهم مما يوقع التردد في تطبيق العقوبة، أي أنه قد يفلت من المساءلة حينما يتستر خلف جهة يشعر أنها تحميه، ليقوم بهذه الممارسات المشينة على نحو حكاية بائعة المواليد.