أن يُساهم العلماء بإثراء المعرفة في مجال الأمن الفكري، والتعريف بمفهومه، وما يتصل به من مكونات، وحمايته من منهجي «الإفراط والتفريط»، أو «الغلو والانحراف»، والربط بينه وبين تحقيق الإيمان بالله، وعبادته وحده، يُعتبر رافداً مهما
في منحى التركيز على الجهود الوقائية. إذ لا أمن بدون تطبيق الشريعة الإسلامية، ولا يُمكن أن تقوم مصالح العباد، وعمارة الكون إلا بالأمن الفكري، القائم على المعرفة العميقة بالمرتكزات التي تهدد قدراته، والعمل على مواجهته. الأمن جزء لا يتجزأ، وهو منظومة متناغمة الأجزاء، متساوية الأنحاء. ولن يتحقق الأمن المحسوس دون تحقيق الأمن الفكري، الذي يُمثل ركيزة مهمة؛ لحماية المكتسبات عبر حفظ الدين، والنفس، والمال، والعقل، والعرض؛ ولأننا واجهنا رصيداً فكرياً، ومخزوناً ثقافياً، أفرز عملاً إجرامياً، وسلوكاً عدوانياً، فإن دور العلماء يبقى أحد أهم المؤسسات الرافدة في القيام بتحصين العقول، ووقايتها من أصول الانحرافات الفكرية.
على أية حال، فإن توعية العلماء بالأمن الفكري، هو أحد المسؤوليات المشتركة بين كافة مؤسسات المجتمع المدني، لما لهذه التوعية من علاقة متينة بالهوية الاجتماعية، والتي تحددها الثقافة الذاتية المميزة بين أمة وأخرى، وهذا المسار سيحقق -بلا شك- استيعاباً كاملاً لمشكلة الفكر الضال. والدفع بالأفراد إلى اتجاهات فكرية رشيدة، وصياغة عقولهم، وحمايتهم من الأفكار المنحرفة.
إن العمل على حماية المجتمع من أي أفكار منحرفة تهدد الأمن الفكري، والوصول إلى أعلى درجات الاطمئنان، والشعور بالسلام، مطلب العقلاء. ولن يكون ذلك إلا باعتماد بناء المعرفة، ومنهجية التفكير لدى عقول شبابنا؛ من أجل تشكيل الفكر، وبناء العقل، وهذا ما عناه عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء الدكتور عبدالله بن محمد المطلق -قبل أيام-، من أن: «المحافظة على الأمن الفكري من أعظم العبادات، وأن القائمين عليه حراس عليه، يحمل كل منهم مسؤوليته».
drsasq@gmail.com