في حديثه عن الثورات العربية، كان الرئيس الأمريكي باراك أوباما أشبه ما يكون بالصحفيين العرب الذين كانوا (أصدقاء) ورؤساء الأنظمة العربية التي أطاحت بهم الثورات العربية من خلال الثورات والاعتصامات في ساحات التحرير، ومثلما تحول صحفيو الأنظمة إلى مناصرين بل بعضهم ادعى أن أفكاره هي التي حرَّضت الشباب ونثرت الأفكار الثورية في عقول معتصمي الساحات، هؤلاء الذين حملوا اسم (المتحولين) وبالذات في مصر شخَّصتهم الجماهير والقراء وبالذات في مصر. الرئيس أوباما كان شبيهاً بهؤلاء المتحولين فهو وإن كان منحازاً لشعارات التغيير والربيع العربي، وأن بلاده قد ساعدت على هذه التغيرات من خلال برامج نشر الديمقراطية، ومبعوثي وكالة التنمية الأمريكية الذين حظوا بثناء خاص من قبل الوزيرة هيلاري كلنتون قبل أن يلقي الرئيس خطابه في عرينها الدبلوماسي (وزارة الخارجية).
الرئيس أوباما الذي استهل حديثه عن الربيع العربي في استرجاع حادثة البوعزيزي، كان يحاول أن يعرض ويطرح المواقف الأمريكية الداعمة للتحولات الديمقراطية وأن قيمها المبنية على الديمقراطية ومكافحة الفساد وفصل السلطات وأنها كانت حاضرة في علاقاتها مع الدول والأنظمة التي شهدت التغيرات تأخذ في الاعتبار مصالحها الإستراتيجية والاقتصادية.
والرئيس أوباما وإن حاول أن يظهر أن بلاده وهو شخصياً منحازان دائماً إلى القيم التي ثار الشباب من أجلها إلا أن الرئيس لم يستطع أن يخفي حرص بلاده على الحفاظ على مصالحها وموقعها ونفوذها في البلدان التي شهدت التغيرات والمرشحة للتغيير، ولهذا فقد تضمن خطابه (عروضاً) اقتصادية ودعوة الدول الحليفة لمشاركتها في تقديم هذه العروض التي في أغلبها قروض اقتصادية ومساعدات تنموية.
عروض أوباما قوبلت بفتور وخصوصاً في مصر، لأنهم يتحسسون من (مساعدات مشروطة) كما أن المساعدات التي قدمت في عهد النظام السابق كانت مصدراً لتربح أركان النظام وتضخم ثرواتهم الشخصية فيما تضاعفت ديون البلد. ولهذا فإن عروض أوباما قوبلت بفتور لأن (قروض أمريكا) لوثها رجال النظام السابق، وإن أرادت أمريكا وغيرها أن تحقق هذه المساعدات والقروض الفائدة المرجوة والتي تحقق الأهداف المرجوة هو أن تدار من قبل هيئات دولية متخصصة وتخضع لرقابة متشددة وتكون أعمال معروفة وذات شفافية تتيح لمؤسسات الدولة مراقبة أدائها وعملها.
الرئيس أوباما حاول أن يكون قريباً ومتوافقاً مع المتغيرات الإيجابية التي يشهدها العالم العربي، وكان يسعى أن يقارب ما بين قيم أمريكا ومصالحها، وهو إن أفلح في بعض ما ذهب إليه، إلا أنه لم يكن مقنعاً في البعض الآخر.
jaser@al-jazirah.com.sa