تبلغ قيمة قطاع الاستشارات الإدارية 160 مليار دولار، ومن المتوقع له أن ينمو بمعدلٍ سنوي يتجاوز 6% في خلال الأعوام الثمانية القادمة. ولكن، هل تستحق الخدمات الاستشارية هذه الكلفة؟ الحقيقة أن البيانات الموضوعية في هذا الخصوص قليلة، ومرد ذلك جزئياً إلى أنه بإمكان أي شركة استشارية أن تدعي النجاح على الدوام معتمدةً ببساطة على كونها قد استكملت خطة المشروع، فيما تبقى مسألة «الحصول على النتائج» من مسؤولية العملاء. وعلى غرار أي استثمارٍ آخر، لا بد من توزيع المستشارين للأسباب المناسبة وبالسبل الملائمة. وتحقيقاً لهذه الغاية، على المديرين أن يدركوا فئات المستشارين المختلفة وما يمكن لهؤلاء أن يضيفوه، كما عليهم أن يعتبروا أنّ مسألة استخدام مستشار هي عبارة عن استثمارٍ يتطلّب إدارةً ناشطة.
ويذكر أنّ بعض المستشارين هم مجرّد وسيلة مساعدة، ويتم تعيينهم في الأساس كموظفين مؤقتين، وغالباً ما يطلق عليهم تسمية «متعاقدين»؛ ومثل هؤلاء الأشخاص يسدّون الفراغ في مشاريع كون المؤسسة لا تضمّ ما يكفي من الموظفين بدوامٍ كامل للقيام بذلك. لكن، في بعض الأحيان – وفي غياب إدارةٍ ملائمة – يتحوّل هؤلاء المتعاقدون إلى عمال «دائمين-مؤقتين»، بخاصةٍ عندما يعتادون الالتفاف على القيود المفروضة على إحصاء الموظفين. ومن أجل تفادي هذا الوضع (الذي يشكل بحدّ ذاته كلفةً كبيرةً في غالب الأحيان)، عليكم أن تفكروا ملياً في ما إذا كان بالإمكان إعادة تصميم عمل المتعاقدين حتى يصبح الموظفون لديكم بدوامٍ كامل قادرين على معالجته.
أما الفئة الثانية من المتعاقدين فهي فئة الخبراء التقنيين، ويتم استقدام هؤلاء من أجل تطوير أو إرساء نظام، أو إجراء دورات تدريبية، أو العمل على معالجة مشكلة محددة. والتحدي الذي يطرح نفسه أثناء محاولتكم إدارة هذا النوع من المستشارين يكمن في كون درايتهم أكبر من درايتكم بالمسألة، وبالتالي، هم يميلون إلى إيجاد سبل لتوسيع عملهم والتحوّل إلى موظفين ثابتين.
ولكن، ليس كل مستشار يسعى إلى تثبيت وظيفته. فالمستشارين الشركاء على سبيل المثال يحاولون نقل مهاراتهم وخبراتهم إلى المؤسسة من خلال العمل جنباً إلى جنب مع العملاء، ومساعدتهم على تحقيق أهدافهم بطرقٍ جديدةٍ وبناء قدراتهم في آن. ويندرج المدرّبون في مجال القيادة، ومنسّقو الفرق، وبعض المستشارين الإداريين ضمن هذه الفئة. والمستشارون الشركاء يمنحونكم الفرصة لتغيير دينامية الترابط المذكورة أعلاه عن طريق التركيز على المساءلة. وفي حال كانوا يعملون وإياكم فعلياً يداً بيد، فعندئذٍ سيطالبونكم بحصة من الإنتاج ليس فقط عند إتمام المهام، وستصبح النتائج المقياس الحقيقي والفعلي لنجاحهم.
وخلاصة القول إنّ مسألة توظيف المستشارين غير المناسبين أو سوء إدارة المستشارين قد تتسبّب للمؤسسة بمشاكل كبيرة – مصاريف غير ضرورية، ومعنويات محطّمة، وجهود مبذولة في غير مكانها، في الوقت الذي قد يكون فيه إيلاء الأدوار المناسبة للأشخاص الملائمين وإبقاء تركيزهم مسلطاً على الأهداف المناسبة فرصةً أفضل لاسترداد قيمة أموالكم التي استثمرتموها.
(*) رون أشكيناس هو مدير شريك في «روبرت أتش. شيفر أند أسوشياتس» (Robert H. Schaffer الجزيرة Associates)، شارك في تأليف «ذي جي إي وورك أوت» (The GE Work-out) و»مؤسسة بلا حدود» (Boundaryless Organization). يحمل كتابه الأخير عنوان: فعال وحسب» (Simply Effective).