ولد عملاقاً بموهبته ونبوغه.. وعاش عملاقاً بعطائه وفكره.. ومات عملاقاً بتاريخه وإرثه الأدبي والشعري والتاريخي.
ولئن تركنا هذا الأديب العملاق عبدالله بن خميس بجسده إلا أنه باقٍ بيننا بما خلفه من مؤلفات قرأتها أجيال سابقة وعاشتها أجيال حاضرة.. وستطيل النظر فيها أجيال وأجيال قادمة.
كان عملاقاً بالفعل في الصحافة التي أسس فيها الجزيرة الصحفية وعملاقاً في الشعر الفصيح وكأنه امتداد لشعراء المعلقات وداعماً للشعر النبطي وقد تصدى لكل خصوم هذا الشعر ببراعة وصف وجمال خيال.
وكان عملاقاً في قلمه.. في جرأة طرحه وصراحة آرائه دون أن يهاب رقيباً أو يخشى حسيباً.. وعودوا إلى ما كتب لتجدوا مثل الاستدلال وكان عملاقاً في إثراء مكتبة بلاده بجغرافيتها وتاريخها وأمثالها وأشعارها.. ركب الصعب باحثاً ومنقباً عبر سهولها وجبالها ووديانها وآثر التعب من أجل أن يهنأ الباحثون عن الحقيقة والمتطلعون إلى المعلومة والمنقبون عن التاريخ لكل ما يريدون وكان عملاقاً في مجلسه شاعراً وأديباً ومتحدثاً يثري جلساءه من معين ثقافته الواسعة بلغة عربية رصينة ويحيطهم بمشاعر مودة أليفة.. ويلقاهم بابتسامة حفية.
جلست إليه كثيراً.. وقابلته إعلامياً كثيراً.. فما وجدت غير الإعجاب يأسرني به مثقفاً وأديباً وعقلاً واسعاً ولساناً رطباً وفكراً صادقاً.
اتفق معه كل المحبين لفكره وشعره وآرائه واختلف معه القليل والقليل لكنهم احترموا أفقه الواسع وعقله الراجح مما أكسبه مكانة ساحقة من التقدير والاعتراف بمكانته الأدبية شعراً ونثراً وتحقيقاً جغرافياً وتاريخياً.
هذا العملاق.. عبدالله بن خميس الذي مضى إلى رحمات الله بإذنه ومغفرته. لن نعزي أبناءه وبناته وأقاربه فحسب.. بل نعزي فيه الوطن كله وكل من قرأ فكره وعايش كتبه والخالدون هم الذين يمضون.. وقد تركوا خلفهم إرثاً باقياً لا يموت وفقيدنا واحد منهم رحمه الله.