التعاليل تعني الاجتماع مساء والجلوس في مكان معيّن يتجاذب الحاضرون من خلاله أطراف الحديث وتناول القهوة العربية؛ وكل واحد من الحضور وعندما يأتي دوره يورد قصة أو قصيدة أو حكاية قديمة.. كـ أخبار السيول
والأمطار والربيع والبروق؛ ويتحدثون بكل بساطة عن حياتهم اليومية البسيطة وغير المعقدة!!.. وفي هذا الزمن تغيّرت الأحوال وأصبحت التعاليل مجرد لهوٍّ من خلال لعب الورق أو مشاهدة بعض الأفلام والبرامج..!!.
وهناك مجموعة أخرى يجتمعون في استراحة مؤجرة أو لأحد الأصدقاء ويتحدثون عن السياسة والاقتصاد، وعن كل ما يدور في عالم اليوم من أحداث، ورغم أن أحاديثهم تمثل وجهات نظر خاصة لكل واحد، إلا أنها تؤكد الاختلاف بالتفكير وعدم التوافق.. وهناك مجموعة أخرى لا يهمهم حلف النيتو أو ماذا يفعل في العرب والمسلمين، بل إن أمورهم الحياتية طغت على ما تمر به الأمة من مصائب وقتل وسلب ونهب، إنها باختصار هموم المجتمع والمتمثلة في ما يحتاجه الإنسان في حياته من ضروريات وكماليات ولهذا كان حديثهم على النحو التالي:
أبو عوض يقول لماذا هذا الغلاء في الأسعار يوم بعد يوم سلعة بعد سلعة.
يتدخل أبو عسكر: يا رجل هذه مسؤولية التجار الذين يذبحون المواطن من الوريد للوريد وسحب كامل الرصيد؟.
فرد عليه أبو سيف والله المفروض أن إخواننا التجار يتحلون بروح المسؤولية وعلى طريقة لا يموت الذيب ولا تفنى الغنم!!.
أما أبو عزيز فقال أبشركم البترول ارتفع والذهب ارتفع؟
رد عليه أبو أصيل: هالحين حنا وش دخلنا بالبترول والذهب المهم أن الأسعار ارتفعت وحلال يموت من الجوع، الشعير غالي والأعلاف الأخرى أكثرها يسبب تسمماً للحلال وهي بعد غالية؟.
فرد عليه أبو عوض صدقت والله خاصة أن البلد لا يستغني عن الثروة الحيوانية.
ثم جاء دور عازف الربابة والذي كان يردد وعلى طرف المسحوب
قالوا علامك ما تجي للتعاليل
قلت الغلايا يا شاربين القهاوي
وأثناء الحديث دخل عليهم الشاعر أبو رامي وكان وجهه مسوداً، وطلبوا منه معرفة السبب قال: هالمسابقات الشعرية.. وسألوه عن السبب قال: القبيلة.. القبيلة!. فتدخل أبو عايض يالربع فكونا من هالسوالف وخلونا نلعب ورق ما دمنا بعيدين عن العوائل وحجتهم وحنا متقاعدين.. فقال أبو مجاهد: أنا ما أعرف العب فاستغرب الجميع وقالوا: خدمتك أكثر من ثلاثين سنة ولا تعرف تلعب!!.
وانتهى الاجتماع وفي الصباح نسوا كل ما دار، لأن أم العيال والعيال كل واحد قدم للوالد الطلبات وفي المساء جاءهم خبر أن زميلهم (أبو أماني) مات ولا خلّف إلا بنات، عندها قرروا ألا يجتمعوا.. أتدرون لماذا..؟؟؟؟!..