لا أعتقد أن التطرف النسائي، يُشكل ظاهرة مقلقة في المجتمع، فهو وإن تعداه إلى التأييد، والتعاطف، والتحريض، والدعم اللوجستي، فإن تجنيد النساء يبقى في دائرة الاستثناء، ولا يُشكل قاعدة في هذا الباب. مما يدل على محدودية الدور النسوي داخل التنظيم. وهذا ما أوضحه أحد أبرز المحاورين في حملة السكينة - الشيخ - بدر العامر، من أن: « النساء كن أشد من الرجال جلداً في هذا الأمر، فامرأة واحدة عن ألف رجل، ربما لكثرة فراغهن، وإخلاصهن، وعاطفتهن، لكن ما يطمئن أن أعدادهن قليلة جداً «.
لجوء تنظيم القاعدة إلى تجنيد النساء، هو أحد أدبيات التيار القاعدي التي اعتمد عليها في التنظير؛ لمشاركة المرأة في العمل الجهادي، وتمرير فكرة التنظير الشرعي في دولة الإرهاب الافتراضية، عن طريق استغلال الشبكة العنكبوتية «الإنترنت»؛ من أجل تمرير أخبار، وأفكار القاعدة. وهو دليل إفلاس حقيقي للتنظيم، - خاصة - وأنه يعتمد مبدأ: «الغاية تبرر الوسيلة»، على الرغم من مخالفته للفكر التنظيري للجماعات الجهادية.
- لا شك - أن النساء اللاتي غُرر بهن، كن عرضة للأيديولوجية المتشددة، فكان تجنيدهن عن طريق البعد اللوجستي، يُمثل تنوع المهام في نشر الفكر القاعدي، ومحاولة استقطاب الفتيات صغيرات السن؛ للانضمام إلى صفوف القاعدة، وإيواء المغرر بهم، - إضافة - إلى جمع التبرعات. وكان مما ساعد على صعوبة الكشف عن التطرف النسائي لدينا، هو صعوبة الوصول إلى المجتمع النسائي، والتواصل معهم.
في دراسة أعدها «مركز الدين والسياسة للدراسات»، اتضح - من خلالها - أن المستقرئ لتاريخ النساء في القاعدة، يلاحظ تنوع المهام التي تقوم بها النساء، فلا يقتصر دورهن على الخدمات المساندة من إعداد المسكن، والمأكل، والمشرب لذويهن - فحسب -، وإنما لعبن دوراً هاما في نشر أخبار التنظيم، والترويج له عبر الشبكة العنكبوتية «الإنترنت»، وانتهاءً بتهريب الأسلحة، وتنفيذ العمليات الانتحارية. ولفتت الدراسة إلى إحصائية صادرة عن أحد مراكز الأبحاث، أن «40 %» من مواقع أصحاب الفكر المتطرف، كانت تديرها نساء، أعمارهن ما بين «18- 25» عاماً، وكان لهن الدور البارز في التأثير على الأخ، أو الزوج، ودفعه للانضمام إلى جماعات الفكر الضال، مع تقديم الدعم المعنوي، أو التقني لهذه التنظيمات. ويبرز موقع «الخنساء»، كأنموذج يعبر عن الرغبة الجديدة لدى «القاعدة» في تجنيد النساء في أعمال الإنترنت، حيث يخاطب الموقع المرأة -بشكل خاص-.
بل لا زلت أذكر جيدا، المصرية « أم أسامة»، وهي في أواسط العشرينات من عمرها، حين كانت تقوم بأدوار لوجستية - من خلال - موقع « الخنساء» الإلكتروني. وتتمثل مرتبتها التنظيمية، في إشرافها على تدريب المجاهدات التابعات لتنظيم القاعدة، وتمثيل الجناح الإعلامي النسائي في تنظيم القاعدة بالمملكة العربية السعودية. بل كانت تتميز، بأنها تجيد استخدام الكمبيوتر، ومهارة التخطيط، والتواصل عبر شبكة الإنترنت. ولديها القدرة على نشر « الفكر الضال» في منتديات إلكترونية متنوعة.
وحين تم إيقافها عن طريق القوات الأمنية السعودية في المدينة المنورة، أخضعتها لبرنامج المناصحة، وقد تخلت - بحمد الله - عن الكثير من الأفكار التي كانت تعتنقها، وذلك بعد تعرضها لـ «حملة السكينة للحوار».
إن التوعية في المجال الفكري، تبدأ من محاضن الأسرة، ومؤسسات التعليم، ووسائل الإعلام ؛ لتقوم بدورها الوقائي، والقضاء على الفكر الضال، ومعالجة الظروف المساعدة على انتشار ظاهرة الإرهاب، ومعالجة البواعث التي تُهيئ البيئة المنتجة للإرهاب.
drsasq@gmail.com