Friday  27/05/2011/2011 Issue 14120

الجمعة 24 جمادى الآخرة 1432  العدد  14120

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

 

عود على بدء
ثقافة الحوار
زكية إبراهيم الحجي

رجوع

 

تشكِّل ثقافة الحوار الإطار العام لمفهوم الرقي لأي مجتمع.. وتدخل هذه الثقافة ضمن اللبنة الأولى للبنات احترام الرأي والرأي الآخر.. وما ثقافة الحوار إلا قدرة الإنسان على التفاعل مع الآخرين من خلال النقاش والاستماع واحترام وجهات النظر حتى ولو اصطبغت بصبغة المعارضة والاختلاف والتباين.. فالاختلاف حقيقة إنسانية وكونية يجب القبول بها مهما كانت.. والمتأمل في حقيقة الاختلاف بين البشر يجد له مبرراته وضرورياته، بل مشروعيته {وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ}. من هنا تبرز لغة الحوار والتواصل بين البشر خاصة إذا تم الحوار بين أفراد المجتمع بشكل إيجابي وفي جو من التلقائية والحميمية والتحلّي بالقيم الأخلاقية الرفيعة والتي من خلالها نستطيع فهم ذواتنا لنتفاعل مع ذوات الآخرين ونستثمر إيجابيات حواراتنا للصالح العام ولكن عندما يبدأ الحوار يأخذ مساراً عكسياً بين الأطراف المتحاورة فيعلو الصخب والضجيج.. والرفض والغضب وتتحول لغة التحاور إلى لغة انفعالية تسيطر عليها المفردات المبتذلة والأسلوب الأرعن وتنتفي منها ضوابط الحوار الحقيقي الذي يقارع الحجة بالحجة بأدب واحترام ورقي.. ويتأجج الصراع..وتلغى رؤية الآخرين عندها يصبح الحوار عقيماً لا جدوى منه. إن الحوار يمثِّل القدرة على التفاعل المعرفي والسلوكي مع الآخرين.. والطبيعة الإنسانية ميَّالة بفطرتها إلى الحوار والجدل فيمكننا أن نتحاور ونختلف مع بعضنا البعض ولكن يبقى الاحترام والتقدير هو خلق الحوار الراقي الذي يرسم ملامح شخصياتنا.. والحوار لا يعني بالضرورة الوصول إلى تطابق في الأفكار بقدر ما يعني إتاحة الفرص للآخرين لشرح مواقفهم.. وعرض أفكارهم بأسلوب حضاري يحمل بين طياته معنى التسامح.. وبث روح التعايش والود بين الأطراف المتحاورة.. إلى جانب أنه يثري الذات الإنسانية من خلال التعرّف والاطلاع على تجارب الآخرين.. ويؤدي إلى الانفتاح على المفاهيم والعلوم المتداولة بين البشر.. كما أنه جسر للوصول إلى ثقافة وطنية تعزِّز مفهوم المواطنة السليمة.. وتقوِّي روابط العلاقة الإنسانية والاجتماعية بين أفراد المجتمع.

إن ثقافة الحوار توجد حالة من التوافق بين الذات والذات الأخرى فينصهر الحوار بينهما في بوتقة واحدة حتى لو اتسم باختلاف أو تضارب في وجهات النظر. إن الدعوة لحوار راق تتمثّل في وعينا التام بأهم مبادئ وأسس وأخلاقيات الحوار لذلك فإن ثقافة الحوار هي المعيار الأساسي لحوار بنّاء.. وهي المنظار الذي ينظر الإنسان من خلاله لذاته وللآخرين.. ولا يمكن تحقيق حوار راق في ظل غياب سلوك حواري متشبع بالقيم الأخلاقية الرفيعة.. بعيداً عن تأجيج الصراعات والتصلّب في الرأي.. وتسفيه الرأي الآخر ويا عجبي لمن يردد (اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية) وهو أبعد ما يكون عن هذه المقولة. إن ثقافة الحوار تستند على عدة خصائص لتؤتي ثمارها.. من هذه الخصائص الوعي بالذات والانفتاح على الآخرين، تبني القيم الفاضلة للوصول للأهداف المنشودة، الابتعاد عن الجدل العقيم، التسامح، احترام الرأي والرأي الآخر.. لذلك فثقافة الحوار تعتبر ضرورة ملحة في المجتمعات ولهذا أصبح لزاماً علينا الاهتمام بتنمية ثقافة الحوار منذ الطفولة وانطلاقتها تكون في الأسرة ثم المدرسة والمؤسسات بمختلف اتجاهاتها. وبما أن الأسرة هي النواة الأولى لغرس المبادئ والقيم الأخلاقية السامية عند الأبناء فإن الثقة المتبادلة بين الآباء والأبناء هي الأرضية المشتركة التي ينشأ عليها الحوار البناء والفعّال بينهم. إذاً نحن بحاجة ماسة لغرس ثقافة الحوار في نفوس أبنائنا، وتأصيل لغة التواصل، وتعزيز الحوار الفكري الهادف خاصة ونحن نعيش عصراً تنوّعت فيه مصادر المعرفة في ظل ثورة الاتصالات وتقنية المعلومات وانتشار وسائل الإعلام المختلفة.

إن إشاعة ثقافة الحوار وتفعيله داخل منظومة الأسرة أولاً يلبي الحاجة للاندماج في المجتمع والتفاعل مع معطيات الوطن بكل إيجابية. إذاً (الحوار لغة وثقافة الحوار هي لسان هذه اللغة).

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة