انتقل إلى رحمة الله تعالى يوم الجمعة 25-5-1432هـ أحد وجهاء بلدة حرمه، تلك البلدة الوادعة المتربعة في أحضان مدينة المجمعة.
نه الأستاذ محمد الخريف.. الذي عرف بالنخوة والكرم ودماثة الأخلاق؛ فقد كان بحق واجهة لهذه البلدة على مدى عقود من الزمن باستقباله ضيوفها من كبار القوم والمسؤولين والوزراء. وبرئاسته لناديها النادي الفيصلي لفترة من الزمن، والذي كان هو أحد مؤسسيه ولا أنسى تلك الكلمة العصماء التي ألقاها أمام الأمير فيصل بن فهد. الرئيس العام لرعاية الشباب آنذاك. عند مروره بالنادي الفيصلي.. أثناء زيارته لمدينة المجمعة وتفقده نادي الفيحاء؛ فقد كان مرتجلاً موفقاً، وخطيباً مفوهاً.
هذا جانب من جوانب هذه الشخصية الفريدة، والجانب الآخر هو الجانب التربوي والتعليمي؛ فقد كان الخريف أحد رموز التربية والتعليم في محافظة المجمعة. عمل في التدريس فترة من الزمن ثم تولى الجانب الآخر من العملية التربوية والتعليمية بإدارة التعليم بمنطقة سدير. ألا وهو جانب الأنشطة الرياضية والكشفية والفنية والمسرحية.. على مدى عقود من الزمن. فهو مؤسس الحركة الكشفية بالمنطقة منذ الثمانينيات الهجرية كونه أحد القيادات الكشفية البارزة على مستوى المملكة المتقلدين لأعلى شاراتها والذي مثل المملكة في الكثير من المؤتمرات والمعسكرات الكشفية داخل وخارج البلاد، ويعد مرجعية فيها.
ولقد كان الخريف واجهة لإدارة التعليم في كل مناسبة ومحفل. حتى تقاعده عام 1418هـ وقد زامل ثلاثة من مديري التعليم، وهم: الأستاذ إبراهيم بن حمد العبد الوهاب والأستاذ محمد بن إبراهيم المنصور، وفترة وجيزة مع الأستاذ إبراهيم بن أحمد العمر.
لقد زاملت أبا ماجد لأكثر من عقدين من الزمن في النشاط الطلابي في إدارة التعليم فكان نعم الأخ والرئيس في تعامله وتعاونه، وجده وإخلاصه. وبشاشته وبسمته التي لا تفارقه.. لقد كان رحمه الله مدرسة في فن القيادة والتصرف في المواقف.
لقد كان الأستاذ محمد الخريف الناشي إلى جانب حياته العملية الجادة وما تتصف به شخصيته من دقة وانضباط، واستثمار للوقت.. يتميز بروح النكتة والدعابة، واختلاق المواقف الطريفة.. حكى لنا عن رحلة كشفية إلى حائل قام فيها والقادة المشاركون بعمل حفل غداء للمسؤولين والجهات التي أكرمتهم.. فدخل السوق باكراً لشراء ذبائح في وقت بارد.. فلم يلتفت إليه أحد. فصاح في السوق من يبيعني ذبائح وأزوجه أختي. فرفع أحدهم طرف فروته وكان مضطجعاً وأخذ يحدق فيه وكانت أسنانه قبل تقويمها بارزة.. فقال له: وش خشيشت اوخيتك من خشيشتك يا بعد حيي..؟ فقال له أبو ماجد: أنا أزين منها ضروس..!! فأطلق فروته قائلاً: رح وراك ما حولك غنم لابو..؟؟!!
وفاجأه ذات مرة ضيوف في الصباح، ولم يكن في بلدته خباز.. وكان أحدهم يأتي بالمعلبات والخبز من المجمعة ليبيعها وهو ليس على وفاق معه، ولم يكن حوله وسيلة نقل.. وكان البائع يقدم النساء على الرجال.. فما كان من أبي ماجد إلا أن لبس عباءة والدته ووقف خلف الرجال متحجباً فسارع البائع بإعطائه الخبز وبقية الطلبات.. فلما انصرف عنه بعيداً كشف عن وجهه والتفت إلى البائع - وكان لك عليه - فانطلق خلفه مسرعاً لاستعادة الخبز منه ولكن أبا ماجد كان أسرع حيث دلف إلى البيت وأوصد الباب..
رحم الله أبا ماجد وأسكنه فسيح جناته وجعل ما أصابه في أخريات حياته جراء الحادث الذي تعرض له تكفيراً له ومثوبة من الله.
المجمعة