مع قرب موسم الصيف تذكرت المثل القائل «الصيف ضيعت اللبن» وهو مرتبط بقصة طريفة لهذا المثل الشائع، وهي قصة امرأة تزوجت رجلاً شهماً كريماً، يغدق عليها طعاماً وشراباً ولبناً سائغاً للشاربين مع حسن معاملة وإجلال وإكرام، لكنها لم تقابل ذلك باعترافها بالنعمة وشكرها لها وانتفاعها منها، وحرصها عليها وقابلت ذلك باعتراض وتضييع، وجحود وإنكار، فكانت العاقبة أن طلقها، ثم تزوجت ممن تحب لكنها لم تجد منه يداً مبسوطة بالكرم، ولا وجهاً مشرقاً بالسرور، ولا معاملة محفوفة بالاعتزاز والإكرام، فندمت وتحسرت على ما فات عليها ـ حيث لا ينفع الندم ـ لكنها لم تنحُ باللائمة على غيرها ـ وكأنني أراها تردد المثل العامي الشائع لدينا «ذلك جزاء الذي يرفس النعمة» وقد خاطبت نفسها فتبين لها سوء تدبيرها، فجاءت يوماً تطلب الرزق وتتسول، فلما وصلت باب زوجها الأول، طلبت منه لبناً، فقال: «الصيف ضيعت اللبن « ثم أصبحت هذه المقولة مثلاً لكل من ضيع الفرصة وفرط في الغنيمة، ومثل هذه القصص تحدث كثيراً في حياتنا العامة ليس فقط بين الأزواج وإنما في كثير من جوانب حياتنا وبخاصة الحياة العملية التي ينطبق عليها مثل هذا المثل وبالذات عندما يضيع الإنسان منا فرصة ما، أو حياة ما كان ينعم برغد عيشها، وهو ذاته ما ينطبق على حال عدد من الشعوب العربية التي تحولت ثوراتها إلى واقع يبتعد كل البعد عن تحقيق الأمن والاستقرار الذي كانوا ينعمون به في فترة ماضية، وبدأت بعض تلك الشعوب تخرج بمظاهرات جديدة تهدف إلى حماية الثورة، والحفاظ على منجزها المتمثل في التخلص من رئيس الدولة.
ونحن في المملكة علينا أن نحافظ على أمننا وأن نتكاتف كيد واحدة مع قيادتنا، وأن نعمل كل ما في وسعنا للحفاظ على مقدرات الوطن، وعلى اللحمة الوطنية التي نعيش، وعلى الأمن الذي ترفل به بلادنا، علينا أن نضع ذلك نصب أعيننا، وأن نقف جميعاً ضد كل من تسول له نفسه للنيل من أمن المملكة، أو التحريض ضد الوطن قيادة وشعباً، وأن نعمل مع القيادة التي تنادي وتؤيد الإصلاح باعتباره أحد سياسات الملك الصالح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، أن تنطلق دعواتنا ومناداتنا للإصلاح من خلال دعوته الواعية والتي تمثل ركيزة أساسية بدأ بها عهده منذ توليه الحكم وإلى الآن، وأن ننظر لمنظومة الإصلاحات التي تمت بعين الاعتبار، ونسعى معاً للمزيد من هذه الإصلاحات التي رأت النور وحققت للمواطنين قدراً عالياً من الطموحات التي ينشدونها، وخير دليل على ذلك التلاحم الكبير والحب للمليك، تلك الاحتفالات البهيجة التي عبر من خلالها المواطنين عن ما يكنون من ولاء للمليك الصالح بعد عودته من رحلته العلاجية التي تكللت ولله الحمد بالنجاح، نقل لنا التلفزيون السعودي مباهج الفرح التي كانت تلقائية عبر عنها شباب هذا الوطن في كثير من الميادين العامة، إلى جانب متابعتهم الحثيثة للحظة وصول خادم الحرمين الشريفين إلى أرض الوطن عبر مطار الملك خالد الدولي بالرياض، وكيف اصطف أعداد كبيرة على جانبي الطريق من رجال ونساء رافعين أعلام المملكة معبرين ذلك الحجم من الحب، وكيف كانت أصداء القرارات الملكية التي رافقت العودة الميمونة، وتلتها القرارات الأخيرة التي ركزت على الحاجات الحقيقية للمواطن السعودي.
إذن: علينا أن نكون أكثر وعياً وأن نتكاتف جميعاً حفاظاً أمن المملكة وألا نخدع بما يثار عبر كافة القنوات التحريضية التي تسعى للنيل من مقدرات هذا الوطن الغالي، والنيل مما تتميز به دول مجلس التعاون الخليجي من أمن ورخاء ورغد عيش، أصبغ الله على هذه البلاد، وكافة البلدان العربية والإسلامية نعمة الأمن والأمان، وأدام عليها رخاءها وعزها، آمين.
Kald_2345@hotmail.com