لقد كان هذا الرجل متميزاً في حسن استثماره لوقته، وكان موفقاً في دراسته التي بدأها على والده في صغره وفي كتاتيب الدرعية وأثناء تردده على الرياض واتصاله بعلمائها وأعيانها، وكان له شغف بالعلم والمعرفة، على مر الأيام. وقد أقبل على التراث العربي قراءة ودرساً، وكان قدره أن يسافر في ريعان شبابه إلى حائل نائباً عن أحد حملة سلاح الدولة الذين كانوا عادة يوجهون مرابطين في بعض الإمارات ومنها إمارة حائل، ويقول عن نفسه إن ذهابه إلى هناك كان سبباً في استزادته من التعليم في القراءة والكتابة؛ حيث التحق في حائل بمدرسة «سليمان السكيت» طيلة مقامه في حائل، وكانت دراسته في هذه المدرسة سبباً أطمعه فيما هو أعلى وأغلى، واستفاد من رحلته إلى حائل هذه دروساً وتجارب مع الرفقة الذين عاش معهم - ومما زاد في حصيلة تجاربه وخبرا ته تشرفه بمرافقة الملك عبدالعزيز -رحمه الله- في بعض رحلاته للتنهات وخريم والخفس والبجادية، وكذلك سفراته المتكررة مع جباة الزكاة، ثم إنه سافر إلى الطائف والتحق بدار التوحيد المعهد المعروف الذي تخرج منه كوكبة من العلماء والباحثين وبعد أن نال شهادة دار التوحيد التحق بكليتي الشريعة واللغة العربية بمكة المكرمة ونال شهادتيهما.
هذه بإيجاز خطواته في خبراته المبكرة وفي دراسته، أما أعماله فكان قدره أن يعين مديراً للمعهد العلمي بالأحساء، وبعد ذلك عين مديراً لكليتي الشريعة واللغة العربية، ثم عين مديراً عاماً لرئاسة القضاة ثم وكيلاً لوزارة المواصلات، وبعد ذلك رئيساً لمصلحة المياه ثم تفرغ للبحث والتأليف.
ومن منجزاته الإعلامية: تأسيس مجلة الجزيرة الشهرية، وهي التي تصدر حالياً جريدة يومية من خلال مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر، وقد عمل عضواً في هيئة تحرير المجلة العربية، وعضواً في هيئة تحرير مجلة الدارة، وعضواً في المجلس الأعلى للإعلام، وكان من إسهاماته الأخرى: العمل عضواً في المجمع العلمي العراقي، وعضواً في مجمع اللغة العربية بالقاهرة، ونائباً لرئيس اللجنة الشعبية لرعاية أسر ومجاهدي شعب فلسطين، ونال جائزة الدولة التقديرية للأدب عام 1404هـ.
وكان للفقيد باع طويل وأصيل في النقد الأدبي وباع طويل في تحقيق المواقع والطرق التجارية والآثار الجغرافية والأدبية، ومن أبرز مؤلفاته في هذا المجال كتاب «المجاز بين اليمامة والحجاز» و»كتاب معجم اليمامة» وكتاب «معجم جبال الجزيرة» هذه نماذج من مؤلفاته، وله كتب أخرى متنوعة الموضوعات جليلة الفائدة. ومن تتبعها وتأملها يتبين له أن الفقيد قد أسهم بفاعلية وبمصداقية في نهضة بلاده علماً وعملاً وكانت له إسهاماته المميزة في الإدارة وفي البرامج الإذاعية الهادفة، وله أسلوبه المميز في صياغة المقالات الصحفية وفي أحاديثه بلاغة وفصاحة وإثراء في متن اللغة العربية نثراً وشعراً.وكان من سجاياه المعهودة اجتماعياً حسن الاستماع لمحدثه وتقديره للرجال والوفاء لهم والاعتزاز بالقيم الإسلامية والوطنية الصادقة.نسأل الله أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته.