قل ما في بالك، هذا سر مواقع التواصل الاجتماعي، عبِّر، دون خوف أو تردد، فقد جاء دور التقنيات لتكسر حاجز أو جدار الصمت للأبد. ومنها انطلقت رغبة حرية التعبير من الداخل، من داخل النفس البشرية والحدود الجغرافية في آن.
هذا ما حدث منذ أطلقت الإنترنت غرف الدردشة، ثم منتدياتها الإلكترونية، وصولاً إلى شبكات التواصل الاجتماعي، واليوم تتحول الأغلبية الصامتة إلى معبرة، وما كانوا عاجزين عن قوله لم يعد أفكاراً شيطانية، أو مخيفة، أو مهدداً للأمن، بقدر ما هو تعبير عن أفكار فردية أو إنسانية، أفكار عامة مستقيمة قبل أن يشوهه الهاجس الأمني، والإرهاب الفكري بسلطاته والرافض أن يكون الإنسان إنسانا.
في هذا السياق يمكننا من فهم كيف تكبر كرة اللهب، لتصبح حارقة لتيارات قمعية سياسياً، وفاسدة اقتصادياً، وتائهة اجتماعياً، ومغيبة ثقافياً، ومشوهة إعلامياً، أضف لها التيار الأخطر المختطف للدين والحقيقة، وكلها في النهاية تتشابه في انغلاقها وإقصائها، قبل أن تتوه في عالم التواصل الحر، بعد أن استهلكت المنابر التقليدية البالية.
إن قدرة النت والتقنيات على النفاذ سياق لا يمكن فصله عن الجهد البشري الراقي منذ التدوين الأول، واختراع الوراق وحبر الكتابة، عبر مئات السنين وصولاً إلى تويتر والفيسبوك والقادم الكثير والمتخيل. من أساليب الاتصال التفاعلي المباشر.
حيث بقيت أدوات الاتصال وبرتوكولاتها محفزاً مستمراً للبشرية نحو الوصول إلى قواسم مشتركة في الحياة بأشكالها المختلفة وإدراك حقوقهم.
صحيح أن قوة القمع الرجعية لا تتردد عن استخدام هذه الوسائل للمزيد من الجذب إلى الخلف، وكبح عجلة التقدم عن نموها ومستقبلها، وقد تحلل المحرمات أيضاً في سبيل تضليل الرأي العام، ويصبح كل صوت مخالف عدواً، وكل محاولة تغير وإصلاح حرباً شخصية!، لكنها لن تبقى طويلاً حتى تعلن اندثارها محركة حصونها نحو خط دفاع جديد لكنه متأخر جداً.
أشياء كثيرة تتغير من السكون إلى الحراك، من التجاذب إلى الحسم، من السيطرة المطلقة والقبضة الحديدة إلى شيء يشبه الفوضى، لكنها تنتظم لتصبح قوة ضاربة لكل ممانعات التغير والإصلاح والتحديث، حيث الإنسان وحقوقه دائماً للأمام مهما كلف الثمن.
قراءة الصور الحديثة، بوعي يافع لما تحدثه حرية تداول المعلومات والتعبير، مهم جداً، والأهم التوقف عندها ونصرة أجيالها دون استخفاف، قبل أن تصبح كرة اللهب في قمة منحدرها، والعبرة في الوصول إلى هذه الرؤية قبل أن يصل «هيت» اللهب.وقبل أن يكون الوقت قد فات، ويصبح عدد الخطب والخطابات تنازلياً، فقد انتهى التيار الواحد والحزب الواحد الحاكم، الرأي الواحد، سقطت الأحادية في سيناريو يشمل الجميع، سياسياً واقتصادياً وثقافياً واجتماعياً.. ودائماً حيث حرية التعبير وتنوعه واتصال العالم دون توقف. إلى لقاء.