يشهد المسرح السياسي المصري بعد حركة الشباب في 25 يناير حراكاً متواصلاً في تشكيل أحزاب ومجموعات سياسية جديدة شبيه بما حدث في المشهد العراقي بعد سقوط نظام حزب البعث وظهور دكاكين حزبية بلغت أكثر من خمسين مكوناً سياسياً جديداً تبخرت بسرعة مع متطلبات العملية السياسية وانكمشت لثلاث كتل سياسية مذهبية وعنصرية فقط تحكم العراق حالياً ويتكرر المنظور الحزبي تنظيمياً في أروقة الحياة السياسية المصرية، فبلغ عدد الأحزاب الحالية المعلنة والتي تحت التأسيس أكثر من ثلاثين حزباً.
أصبح النموذج التركي (حزب العدالة والتنمية) ماركة مسجلة سياسياً لكل الحركات الإسلامية في آسيا وإفريقيا، وقد نهج قادة حركة الإخوان المسلمين في مصر هذا الطريق القصير للدخول للحياة السياسية بعد حجب دائم منذ تأسيسها عام 1928م بزعامة المرشد الأول حسن البنا، ويأتي إعلان ولادة حزب (العدالة والحرية) وجها سياسياً للحركة الإسلامية ببيان حمل توقيع الدكتور محمد بديع المشرف العام للجماعة وبيّن أهدافه الدكتور عصام العريان المتحدث الرسمي باسم جماعة الإخوان بأنه تم عرض أكثر من 15 اسماً لاختيار واحد من بينهم للحزب الجديد، وكان الإجماع اختيار (العدالة والحرية) لتمثيله للعدالة التي كانت بعيدة عنا في السابق ولم نشم رائحة الحرية أيضاً، ويلمح بعض المحللين السياسيين بأن الاسم الجديد ولد بعد لقاء المرشد العام الدكتور بديع بالرئيس التركي كول أثناء زيارته الأخيرة للقاهرة وقد دام اللقاء أكثر من ساعة.
فلسفة الحزب الجديد ترتكز على التضامن الاجتماعي وتوزيع عادل للثروة والعدل في الحكم والتعددية الحزبية والسياسية وتداول السلطة واعتماد الحكم الدستوري النيابي وتداول السلطة! وبيّن الدكتور العريان «أننا تعاونا سابقاً عام 1984م مع حزف الوفد ونطمع بتشكيل تحالف واسع مع الكتل الأخرى».
وهدَّأ العريان المواطن المصري القلق على مستقبل الدولة المدنية المصرية وخشية أن الإخوان المسلمين سيطبقون شعارهم «الإسلام هو الحل» وبين: «إننا سنتخذ قرارات مصيرية مهمة أولها أن الحزب «العدالة والحرية» لن يترشح عنه لمنصب رئيس الجمهورية في المرحلة الأولى بعد حركة 25 يناير، واحنا مش طلاب سلطة وتحاول بعض الجهات المعادية في الداخل والخارج تخويف الناس منا».
وقد تنحصر مخاوف المواطن العادي مسلماً كان أم قبطياً حول مستقبل الدولة المصرية المدنية والمسافة الجديدة للحريات الدينية والمدنية والشخصية أم تكون المظلة السياسية بلون الإسلام السياسي فقط ولابد من التوافق الفكري والديني بين مكونات الشعب المصري والمرحلة الحالية التي يعيشها الشعب وعلاقته بالحكومة والكتل السياسية يشملها الكثير من القلق والضبابية والمطلب الأساسي للجميع تحقيق الأمن والأمان المرتكز على استقرار القرار الرسمي الهادف للوحدة الوطنية وهذه المعادلة الصعبة لتقاطع الأفكار السياسية المتنافسة على الساحة السياسية وحتى «ائتلاف شباب الثورة» لم يعرف توجهه السياسي وهو جسد عريض دون رأس.
تشكيل النموذج السياسي القادم لا يتم ظهوره بالحالة التطبيقية إلا بعد انتخابات الرئاسة والتهيؤ لانتخابات عامة يتحدد معها النوع الديمقراطي وآلياته السياسية مع مزج الأفكار الإسلامية الوسطية مع الليبرالية الوطنية المطبقة في العالم الحر، لتطمين مكونات الشعب من مسلمين وأقباط وتوثيق أواصر الوحدة الوطنية ومن أجل تهيئة المناخ المناسب لإصلاح الاقتصاد المصري الذي تعرض لنكسة ظاهرة في كل قطاعاته من سياحة واستثمار «أجنبي» وتعثر حركة الصناعة والتجارة الخارجية وآخرها خسائر سوق الأوراق المالية التي بلغت مليارات الدولات.
المؤسسة العسكرية عالجت الأزمة السياسية بحكمة وعقلانية وقرارات المجلس الأعلى العسكري وضعت الدولة بمأمن من التفكك وقلصت الخسائر إلى الحد الأدنى وعليها مسؤولية وطنية مهمة للخروج بالمجتمع المصري الشقيق لبر الأمان والاستقرار، وتتجه النية لتشكيل مجلس القوى لحماية الدستور ومصالح المواطن المصري المستقبلية وصون حريته الفكرية والدينية وتطمين الاستثمار الداخلي والخارجي بإيجاد مناخ حر آمن لمستقبل مصر الجديدة حمى الله أرض الكنانة وشعبها العربي النبيل.
هيئة الصحفيين السعوديين - جمعية الاقتصاد السعودية