لا نتجاوز الواقع حين نقول بأن المملكة العربية السعودية هي رقم أساسي في الساحة العربية بل في عموم العالم الإسلامي.. لها هويتها ومنهجها، ولها مصالحها المشتركة اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً مع جيرانها وغيرها من الدول.. وبالمقابل وموازنة مع ذلك لها فاعليتها وحيويتها التي تتجسد في كل المواقف والأحداث سواء داخل منظومة البيت العربي أو على مستوى العالم بشكل عام. وامتداداً لدور المملكة الطليعي الثابت والصريح لكل الأحداث التي تترى وبشكل متسارع على الساحة العربية أو الدولية.. فإن لها قصب السبق في مجال مكافحة الإرهاب محلياً وإقليمياً ودولياً، فقد واصلت ولازالت تواصل حربها عليه بلا هوادة هدفها اجتثاث جذوره.. وردم منابعه.. وتجفيف بؤره والقضاء عليه بشتى صوره وأشكاله طبقاً لما جاء به الدين الإسلامي الحنيف الذي هو منهج المملكة في سياستها الداخلية والخارجية.. هذا المنهج القائم على سياسة الاعتدال والاتزان، والحكمة وبعد النظر على كافة الصعد.. فكات نموذجاً فريداً أمام العالم أجمع، وصورةً مختلفة عن تلك التي تنعق بها أبواق الدعاية الرخيصة في الغرب.. أو ما تنشره بعض الأقلام المأجورة في الصحف الغربية، أو غيرها من الصحف العالمية.. وحقيقةً ما دفعني لكتابة هذه المقدمة الحقيقية عن وطني الغالي المملكة العربية السعودية هو قراءتي لمقالٍ نشر في صحيفة «نيويورك تايمز» يوم الأربعاء 11-5 -2011 تحت عنوان (مساومات سيئة) للكاتب والمعلق السياسي الشهير «توماس فريدمان» زاعماً في مقاله بأن الأموال السعودية هي التي قامت ببناء الفيلا التي كان يسكن فيها أسامة بن لادن وقت اغتياله من قبل القوات الأمريكية.. منطق رخيص وفكر خبيث، ولا غرابة في ذلك فتوماس فريدمان هو أحد أساطين الحقد والعداء ضد المملكة العربية السعودية أولاً وضد العرب والمسلمين ثانياً. ولكن وفي عجالة سأعود قليلاً إلى الوراء لأبين حقيقة هذا الرجل، فهو أحد أشهر المعلقين السياسين في صحيفة «نيويورك تايمز»، صال وجال في مختلف بقاع العالم.. كتب ونشر من كل بقعة وطأتها قدماه.. بداياته كانت من بيروت حيث انطلقت مسيرته الصحفية في بداية الثمانينات من هذه المدينة التي شهدت أشد وأعنف الحروب الأهلية ضراوةً، إلى جانب الهجمات الإسرائيلية التي زلزلت كيان هذا البلد، فكان يرصدها كمراسل لإحدى الوكالات العالمية، ثم أتيحت له فرصة تعلم شيئاً يسيراً من اللغة العربية خلال فترة تدده على القاهرة، كما أتيحت له فرصة زيارة المملكة العربية السعودية فيي فترة ما ولكنه نسي أو تناسى كرم الضيافة التي تميز بها ولاة أمر هذا الوطن حفظهم الله والشعب السعودي الكريم. لقد استطاع توماس فريدمان أن يكتسب خبرة سياسية واسعة لقربه من صناع القرار ولكنها خبرة أقرب ما أصفها بالخبث السياسي وفن المواربة في التحليل أولاً، والعنصرية في الاتجاه ثانياً.. وذلك غير مستبعد عليه، فهو أمريكي يهودي وإن بدا في بعض كتاباته يحاول أن يظهر نوعاً من التعاطف تجاه القضايا العربية ولكنه في الحقيقة يختبئ خلف قناع زائف من الموضوعية، فتعاطفه لم يكن إلا تعاطفاً مشبوهاً يحمل في ثناياه الحقد والرياء. هذا الرجل يملك كماً غزيراً من الثقافة السياسية في الشئون الدولية.. له بريق وهّاج في المجتمع الأمريكي.. ألف مجموعة من الكتب، وقد اكتسبت كتبه وكتاباته شهرة عالمية ولاقت رواجاً منقطع النظير. وعلى الرغم من أنه يتناول في كتبه وكتاباته شئون وشعوب العالم إلا أن أقرب ما يقال عنه أنه يعبر وينقل وجهة نظر أمريكية بحتة في كل مايكتب.
لقد بات واضحاً وجلياً مدى الدناءة والحقد التي يتميز بها هذا الكاتب في أحكامه وانتقاداته للعرب والمسلمين، ويبدو أن ملفات العالم الإسلامي بشكل عام.. وملفات الرياض بشكل خاص أصبحت تؤرق جانب هذا الرجل وغدت شوكةً تقض مضجعه من زوايا متعددة، فحملته العنيفة على المملكة العربية السعودية بدأت بشكل متوالي بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر حيث نشر مجموعة من المقالات والأطروحات السياسية التي يغلب عليها الطعن في الثقافة الإسلامية.. والتسويق لأدلة مشبوهة، وهذا غير مستبعد على فكر أحد منظري السياسة المختبئة داخل العباءة الأمريكية.. ولعلي أستشهد بأحد أبرز آرائه التي نادى بها وكتب عنها في عموده الشهير المتخصص في الشئون الدولية في صحيفة «نيويورك تايمز» وكان ذلك بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر قوله: إذا أرادت الإدارة الأمريكية تجفيف منابع الإرهاب فعليها أن تمارس ضغطاً على حلفائها في العالم الإسلامي لبذل مزيد من التحكم في المناهج الدينية لتتوافق مع المصالح الأمريكية» ويا عجبي مما يحاك.. ويا أسفي مما يشاع.. فتحت عباءة الإرهاب يشار دائماً إلى المملكة العربية السعودية قلب العالم الإسلامي، ومنبع الرسالة، وحضن العرب والمسلمين من كل بقاع الأرض، وذوو النفوس الضعيفة يجدون اللذة في التطاول على هذا الوطن.»توماس فريدمان» إليك: أنت لا تعرفني ولا أريدك أن تعرف مَن أنا، وأعلم جيداً أنك لن تقرأ مقالي لأنك لم تتعود على قراءة الحقائق لتنقلها دون تشويه أو تزييف.. أما أنا أيّها الصحفي الشهير: فقد قرأت مقالك الرخيص وتمعنت فيه كثيراً لاعشقاً في قراءة ما تكتبه، وإنما لأستند على ما جاء فيه من مغالطات، وتشويه للحقائق، وطمس للواقع لكتابة هذا المقال لأبيّن الحقيقة والصورة الناصعة عن وطني المملكة العربية السعودية، الذي نفخر ونعتز به وبقيادته الرشيدة. هذا الوطن الذي يشار إليه بالبنان في كل محفل دولي لما يتمتع به من قدرة على فرض صوت الإقناع والعقل في محيط البيت العربي، والأسرة الإسلامية بل في أروقة المحافل الدولية بأكملها.. وأن العالم أجمع يعلم ثبات مواقف المملكة في جميع أجندتها، كما أنها لا تقبل المزايدة المضرة بالأمن والاستقرار، وترفض رفضاً كاملاً الإرهاب بكافة أشكاله وأساليبه، وتؤكد على براءة الإسلام من كل الممارسات الإرهابية. توماس فريدمان قريباً ستصلك رسالة من كاتبة هذا المقال في بريد مستعجل وفحوى الرسالة بإيجاز (نيق الضفادع لا يرعب السباع).