في الوقت الذي وصلت فيه تقنية الخدمات المالية، إلى درجة أن يكون جوالك هو محفظتك، تتحفظ بعض كبرى المحلات وكبرى المطاعم، على التعامل مع البطاقات الائتمانية أو بطاقات السحب الآلي. وحين تسأل المحاسب عن السبب، يرد عليك ببرود:
- هذه هي تعليمات الإدارة. معك كاش، وإلا امسك الباب!
أظن أن من يجب أن يمسك باب الخروج من الحياة العامة، هو كل الكيانات التي لا تزال تعيش في الماضي، فلا تقبل إلا نقداً، ولا تكتب إلا بالقلم الحبر. ولكن، من بمقدوره أن يُخرج هؤلاء من الحياة؟! هل هي مؤسسة النقد، أم وزارة التجارة ؟! أهناك إجراءات وأنظمة، تلزم المحلات باستخدام شبكات السحب الآلي، لكي تسهل على المستهلكين أمور تعاملاتهم المالية، بدل أن يخرجوا للبحث عن ماكينة صراف، قريباً أو بعيداً عن المحل، الذي لا يعترف صاحبه إلاَّ بالأوراق النقدية؟!
من السياق، ستفهمون أن مثل هذه الأنظمة غير موجودة، فالكل في أسواقنا يعمل على هواه، غير عابئ بالأنظمة ولا بالمصلحة العامة. وليت أن أحداً يظهر علينا، ليقول لنا مَنْ هو المسؤول عن غياب أنظمة التعاملات المالية في أسواقنا، ومتى ستتوحد الخدمات والأسعار والمعايير، ومن سيحمينا من الظاهرة الراهنة، التي تجعل من كل سوق وكل دكان، عالماً قائماً بذاته، لا علاقة له بالأسواق والدكاكين الأخرى؟!