يوم خميس مضى ليس كغيره؛ إذ تجلى حزيناً كئيباً في عيون المحبين للأديب العَلَم المعلِّم عبد الله بن خميس؛ ففي ذلك اليوم أناب رواد العلم والثقافة وطلاب المعرفة، وكلُّ من عرف ابن خميس عن قُرب أو بُعد، وفي كل مكان، كلَّ من شارك في تشييع جنازة الراحل الكبير. في حين وكّلت (الجزيرة) الأرض والمكان لتلك البلدة الحالمة على ثرى نجد (الدرعية) احتضان جثمان الغائب الحاضر أبي عبد العزيز عبد الله بن خميس الأديب الأريب العالِم الباحث الذي عرفته أودية الجزيرة وجبالها ومفاوزها، كما عرفها وعرَّفها وساح بين فيافيها باحثاً ومحققاً.
وعندما نتحدث عن الأديب عبد الله بن خميس نجد أنفسنا في هالة من الزهو والانبهار من تجليات سطَّرها الراحل الفذ في شتى الإنسانيات وعلومها تأريخاً وجغرافيا وتراجم وشعراً ونثراً..
كتب في أدب الرحلات، وأجاد ودوّن في شأن الفصحى فأمتع، ورصد في زوايا التاريخ، وحقق كنوزه ونفائسه فأشبع.
والمتتبع لحياة ابن خميس العلمية الثقافية يلحظ تمايزه في تباهيه وانحيازه للفصحى بوصفها ميراثاً حضارياً يستحق الصيانة والرعاية، وهو في هذا مُحِقّ؛ لأنها - أي الفصحى - لغة القرآن الكريم مصدر اعتزاز كل عربي ومسلم.
ومن جماليات التأنق الثقافي لدى ابن خميس تلك المفردة الجزلة المؤصلة، سواء أكانت من الفصيح المحقق أم العامي الدارج؛ فلها لديه العناية والدراية، إلى جانب التأدب الجم في الأخذ والرد مع المحاور والمتحدث حتى مع من اختلف معه في الرأي والتوجه.
لقد فقدنا بوفاة الأستاذ عبد الله بن خميس - رحمه الله - مشعلاً ثقافياً أنار الطريق أمام أجيال وأجيال، وسيظل اسماً وعنواناً خالداً يليق بوطن كريم.
العزاء والمواساة لكل الوطن ولأبناء وأحفاد الراحل العزيز، والرجاء إلى الله أن يتولاه برحمته وغفرانه، وأن يسكنه فسيح جناته، كما نتمنى أن تعود للبحث والتأليف عصوره الباهية ونجومه الزاهية. والله المستعان.