لم ينجُ أحد من الفساد، حتى المنظمات الدولية التي يراقب أداءها الصغير قبل الكبير، والتي ربما أُسستْ لتكون بعيدة عن الفساد، وقعت على رأسها في مستنقع التجاوزات المالية والأخلاقية. ولعل مؤسسة دولية مثل هيئة الأمم المتحدة، هي أكبر مثال على تفشي الفساد في كل الكيانات، حتى الإنسانية منها. ففي الوقت الذي كان الناس يتوقعون من هذه الهيئة أن تقوم بدور حيوي في إتفاقية مثل «النفط مقابل الغذاء» والتي كان من المفترض أن تحمي الشعب العراقي من الجوع الذي فرضته ظروف الحصار على نظام صدام حسين، اكتشفنا قبل أيام، أن الحبايب كانوا يلعبون في النفط والغذاء. ولو كانت أمريكا أو النظام العراقي، هما من يقوم بهذا التلاعب، لاعتبرنا الأمر عادياً، ولكن أن يمارس الفساد مسؤولو إنقاذ الأطفال والنساء من الجوع، العاملون في هيئة الأمم المتحدة، فهذا أبشع ما يمكن أن نصل إليه.
إن الفساد في البنوك، أمر مقبول. وهو مقبول أيضاً في الشركات المساهمة أو في أسواق البورصة أو في تجارة السلاح أو في صفقات النفط أو في مصانع السيارات والأغذية وحتى الأدوية. ولكن أن يكون هناك فساد في اتحادات الشباب أو في ملاجئ الأيتام أو في الجمعيات الخيرية أو في دور حماية القاصرات، فهذا مؤشر إلى أننا في نهاية النفق، وأننا سوف لن نخرج منه، إلا إذا قضينا على الفساد في البنوك وفي أسواق البورصة وتجارة السلاح !