تكاثرت الأشباح هذه الأيام، وتناسلت، وتنوعت، فبات يصعب حصرها، إلا أن نشأتها الأولى كانت مميزة في تكوينها القريب من الخيال رغم كونه مخيفًا، يؤرق ليل الأبرياء الذين عبرت حكاياتهم البسيطة حينما كانوا يخيفون البعض وتحديدًا الصغار في أمر الأشباح في مجالات حكائية كثيرة.
وربما أشباح الأمس القريب الأبيض والأسود كان لها وجود ما، على نحو مواقف الفنان الراحل إسماعيل ياسين من خلال أفلامه البسيطة التي لا تمل رغم تلقائيتها وخلوها من بهرجات الألوان، فهي التي تستطرد بفكرة مهمة تسليط الضوء على عالم الأشباح والأرواح المشاغبة.
أما أشباح اليوم فإنها جاءت بهيئة جديدة وآخر موديل، وبالأوان أيضاً، على نحو بعض مسميات السيارات التي تأسر لباب البعض، حيث يستشعر المتأمل لها أنه أمام شبح لا أثر له، إلا أنها ربما جاءت محاكاة لطائرة حربية مموهة تتظاهر بالضمور والرشاقة وخفة التلصص لتراها شبحًا بداخله الموت الزعاف.
الأمر إذن لا يخلو من أشباح متعددة ومتشعبة وكل شبح له مقاصده وحضوره ووقت خروجه. ربما أشدها حضورًا هذه الأيام هذا الشبح السنوي الذي يأتي في نهاية كل عام دراسي، ينعت بالامتحانات، وخُفف ليقال عنه الاختبارات، بل هناك من سعى لأن يوسم بالتقييم تلطفًا ودفعاً لأذى هذا الشبح.
فأيام الامتحانات تبدو عصيبة وأثبتت أنها حالة هلع ومناسبة مقلقة للأسر فقلّ أن تمر أيام هذا الشبح السنوي إلا وتسمع بأكثر من حادث أليم بعد امتحان.
فالاحتشاد حول المدارس والسرعة القاتلة والتجمهر حول ظاهرة التفحيط والتوتر والشجار.. كل هذا - بحسب بعض الباحثين - هو من نتائج هذه الحالة المتشنجة لانتظار الامتحانات بل إن هناك من تجار السموم وأهل الهلوسة والمخدرات من ينتظر لأن شبح الامتحانات بات يطرق الأبواب.
فهناك من التربويين والمحللين من يرى أنها بالفعل شبح يخيف الأسرة والطالب، ويمكن أن يعيده البعض منهم إلى جو المدارس وذلك في كثرة التحرزات والغرفة المظلمة والكنترول والأرقام السرية والتجول بين صفوف التلاميذ بنظارات سوداء وكأنهم يخفون ممنوعات وما إلى تلك الإشارات المفزعة التي قد تمارس في قاعات الامتحانات حتى اليوم.
وإحقاقاً للحق، فقد تم دحر هذا الشبح السنوي أو الامتحانات وإبعاده نسبيًا عن طلاب المراحل الابتدائية حينما تم تطبيق نظام التقييم الشامل، وهو ما تتمناه الأسر أن يمتد إلى صفوف المتوسط وحتى الثانوي ليخف هذا المشهد المتشنج أو يختفي.
hrbda2000@hotmail.com