بعض الأخيار في هذه الدنيا لا يعيشون لأنفسهم بل يعيشون للآخرين: بذلاً للمحبة، وصلة للرحم، وعطفاً على المحتاجين، وتواصلاً على الخير، والغالي الراحل المرحوم بإذن الله عادل بن عبدالعزيز القاضي هو أحد هؤلاء الأخيار، فهو لم تفقده أسرته بل فقده كل من عرفه وكل من أحسن إليه، وكل من تواصل معه.
الغالي عادل - رحمه الله- طراز نادر من الرجال كم شعرت بالأسى على فقده مثلما شعر الآخرون.
***
أجل.. كم هم أولئك الذين سيفقدونه من أسرته ومن خارجها.. سيفقدون حميمية التواصل والإيثار على النفس ومحبة خدمة الآخرين، والكلمة الجميلة الصادقة التي تنبع من قلبه قبل لسانه، وتلك الابتسامة المضيئة النقية التي تشع من فيض وجدانه مثلما تغمر وتكسو وجهه بل سنفقد رسائله (الجوالية) التي تفيض خيراً، وتتوشح دعاء، سوف نفقدها كما فقدناه.
***
كم يشعر الواحد منا بالشجن على رحيل مثل هذا الإنسان الذي كان (نهر عطاء) متدفق.. يحس كل من اقترب منه أنه يعيش للآخرين وأن سعادته أن يسعد الآخرين. آه.. ما أقسى الدنيا عندما نفقد أمثال هؤلاء الأخيار.
أبا عبدالعزيز: لقد كنا نرتب بل كنت ترتب للقاء في أحد أيام الجمع مع بعض الأحباب الذين كنت أود لقاءهم ويودون لقائي.. وكنت أنت (رابطة ا لخير) لنتواصل معاً.. ولكن قضاء الله كان فوق رغبتنا، لكن لقاؤنا بك بحول الله في رحاب الرحمن الرحيم في دار لا فراق ولا أمراض ولا أحزان فيها، لقد كان - رحمه الله - يبادر ببذل المعروف وخدمة الناس، والتواصل مع أحبابه وقد بارك الله في وقته، فهو رغم تنقله بين الرياض (مقر سكنه) وعنيزة (موطن جذوره) التي أصبح يتردد عليها ويحن للسكنى فيها خلال السنوات الأخيرة لم يؤثر على تواصله مع الناس هنا وهناك، ولم يتأثر حبه للخير، وقد أبلى رحمه الله في ذلك بلاء مشهوداً، سواء على المستوى الشخصي أو عندما انضم عضواً فاعلاً في جمعية (أواصر).
***
الراحل عادل: أشعر أنني لست وحدي من سيفتقدك ويبكي عليك.. لقد كنت (شمعة) سعادتها أن تحترق من أجل حب لأناس، والعطاء للناس.
عزاء أبنائك وبناتك وزوجتك واخوتك وأخواتك وكل محبيك هو: الذكر العاطر الذي أبقيته، وهذا العمل المبارك الذي زرعته، وهذا الدعاء الذي سوف يتلو اسمك كلما (حل طاريك).. وسيبقى (طاريك) دائماً وأبداً رحمك الله يا عادل الحبيب و:
(لو يرد الزؤام لا نتصب الحب
فما استطاع الزؤام)
لكنها إرادة الله وقضاؤه وصدق الله وهو يخاطب رسوله صلى الله عليه وسلم: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ}الأنبياء34
أجل..
هذا هو العزاء.. هذا هو أعظم مواساة من الله؟ الأرواح الذي نسأل الله أن يكرمك بجنة المأوى كما أكرمت كل من عرفك وأحبك.
لقد غادرتنا فجأة لكنها ستبقى ما بين أجفاننا حتى نلقاك.
***
أسأل الله - أيها الحبيب الراحل عادل - أن يتغمدك بواسع رحمته، وأن يغفر لك ذنبك ويضاعف حسناتك، وأن يغسلك بالماء والثلج والبرد وأن يجعل قبرك روضة من رياض الجنة، وأن يجمعك مع أمك وأبيك ويجمعنا بك وبهم وبكل الغالين الراحلين عنا في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
hamad.alkadi@hotmail.comفاكس: 4565576