سيكون الأمر الملكي الذي صدر أول من أمس، أهم قرار إصلاحي صدر في عهد الملك عبدالله. وهذا ليس تقليلاً من شأن الأوامر السابقة، بل لأن هذا الأمر ينحاز للمستقبل، أكثر من الأوامر الأخرى. فكم ظللنا نكتب عن خريجي الدبلومات الصحية التائهين في شوارع البحث عن وظيفة صحية في المستشفيات التي تئن بأجانب لا انتماء لهم وبلا كفاءة أو تأهيل يُذكر. وكم بُحت أصواتنا ونحن نشير إلى المعاناة التي تعانيها خريجاتنا المضطرات للعمل في المدارس الأهلية، برواتب خادمات. وكم سالت دماء أقلامنا ونحن ننادي بالالتفات إلى قوائم انتظار توظيف المعلمين والمعلمات في وزارة التربية والتعليم. وكم حذرنا من ظاهرة سفر أبنائنا وبناتنا الحاصلين على نسب أقل من 85% إلى الدول المجاورة بحثاً عن مقعد جامعي مدفوع الثمن. وكم رفعنا أوراقنا عالياً، احتجاجاً على عمل الأجانب في محلات بيع الملابس النسائية. ولقد كنا نؤكد دوماً، أن عدم الاكتراث بما نكتبه وبما نقوله وبما نشير إليه ونحتج ضده، سيقود البلاد إلى مستقبل غير مأمون.
من هنا، فإنني أعتبر هذا الأمر الملكي، بمثابة شعور بالأزمات الراهنة وخشية من عواقبها المستقبلية. صحيح أن المشاكل التي أفرزتها هذه الأزمات تفاقمت كثيراً، لكن عزاءنا أن الأمر قد صدر أخيراً، وأنه سيضع بإذن الله، حداً لكل الإفرازات المحزنة التي جرت على الأرض، هذا إذا نفّذه الوزراء في وقته.