الاقتصاد سيقول كلمته في كل أمر مختلف حوله، كقيادة المرأة للسيارة وغيره من (الأمور المختلفات)، لا أحد أقوى من الاقتصاد يمكن أن يغير في سلوك المجتمعات، وكون الاقتصاد مغير للمجتمعات أمر مشاهد وملموس وقامت حوله نظريات قديمة وجديدة تؤكد أن الحالة الاقتصادية تعمل عملها أكبر من أي شيء آخر.
إذا كانت المجتمعات لا تملك استراتيجيات ولا خططا ولا رؤية ولا دراسات ولا أبحاث، فاعلم أن الاقتصاد سيغير المجتمع إلى حالة لا تعرف ما هي إلا حينما تحدث، ولا يمكن أن تتنبأ بها إلا حينما تراها كعين الشمس، أما إذا كانت التغيرات الاقتصادية تسير وفقا لخطط واضحة فإن حدتها تكون أقل، ويمكن أن تتجه إيجابيا لصالح المجتمع.
قد يضللنا الإعلام حينا من الدهر عندما يقول إن (الثورات) العربية جاءت بحثا عن الحرية والمساواة والعدل وإن جيلا شابا بدأ يبحث عن ذاته في ظل دكتاتوريات وأنظمة شمولية، والواقع أن (الثورات) العربية جاءت انطلاقا من حالة اقتصادية بائسة، لقد حركهم جوع مفرط دقهم حتى العظم، ثم دخلت الأحزاب في ظل هذا التحرك لتظهر معاني: الحرية والمساواة تداول السلطة وهي معاني يتبادلها الخصوم فيما بينهم، أما الشعب فلا يريد سوى أن يأكل ويلبس وينام ببطون ملأى.
في دول متقدمة ونتيجة لحالة اقتصادية معينة لا تستطيع المرأة ولا الرجل أن يشتريا سيارة عطفا على أن يقوداها، وعندما ترى العدد الكبير جدا جدا الذي يتنقل عبر (ميترو الأنفاق) ستعرف يقينا أن الاقتصاد لا يسمح لهم بقيادة السيارة لأن تكلفة قيادتها تفوق تكلفة التنقل عبر (الميترو).
إذا أدرت أن تمنع أو تتخذ قرارا اجتماعيا، فطبقه من خلال الاقتصاد، سترى نتائج فورية وبدون اعتراضات، فعلى سبيل المثال إذا أردت أن تقلل عدد السيارات التي تجوب طرق المملكة والمقدرة بـ (ثمانية ملايين) سيارة، فارفع البنزين وارفع سعر بيعها وقلل تكلفة النقل العام لأن الناس ستحسب التكلفة وستقرر أي الخيارات أفضل.
وتحريك الاقتصاد بصورة مقصودة يحتاج إلى عقلية سياسية فذة، لأن اللعب بالاقتصاد مثل اللعب بالنار.
nlp1975@gmail.com