كم كان الصمت محبباً إلا أن كان كصمت القبور؛ فهو غير محبب. وعندما يكون الصمت والسكون غربة أو بمنزلة هدوء مملح؛ فلا ترى حولك إلا في حركة دائمة دون نفس أو صوت يدل على الحياة؛ فإنك بالطبع ستشعر بالوحشة والوحدة والخوف.. وجمال المكان هو بالحياة المنعشة والمتغيرة والمتبدلة بألوان وأشكال زاهية وجميلة. وكم تكون محبطاً عندما تصمت النفس خلاف صمت المكان؛ فتزداد المعاناة وتسود عتمة مرآة حياتك وأنت تطل عليها عبر شاشة الأحداق؛ وبالتالي تهتز النفس وتضطرب العدسة ويحترق الفيلم من الداخل. أواّه من النفس عندما تصمت فتمتنع المشاعر من التدفق لتروي الحياة فتزهر ورداً وزهوراً تعطر المكان والزمان. وكم تمنيت يا قلبي أن أوزع الورود وأروي النفوس بعبقها لأقطف رحيق النفوس في الحياة وأستمتع بأنفاسها وجمالها، ولكن هيهات هيهات، ليس لكل مجتهد نصيب، ولا لكل باذل جميل مجيب. لكن أصحاب النفوس السامية لن يحبطوا، ولن يصمتوا؛ لأنهم يحملون قيماً وأخلاقيات ضد الصمت المطبق الداكن؛ ولذلك لن تصمت نفسي، ولن تكون قبراً صامتاً للأبد، إنها التواقة لتستمر في نثر بذور الخير والمحبة، وتقابل صاحب النكران بالعطاء والصفح لصفاء النفوس، وتوشح نفسي برداء التسامح والتحفيز لكل جديد يعطي الحياة جمالاً ونضارة، ولن تحبطني رداءة نفوس الآخرين المحبطين؛ لأنها أنفس متعثرة تحتاج إلى المساعدة بنسمة رائعة ودافعة تزرع الكلمة الحلوة وتبث الألوان الجميلة في فضاء الحياة الواسع.
أيتها الصناديق المغلقة إلا من الأبواب افتحي أبوابك؛ليخرج منها سكانك بنبض الحياة ومشاعر الصفاء،ولا تكوني أيتها الصناديق مطبقة في صمت دائم كصمت القبور؛ ليرجع سكانك إلى كوكب الحياة وإلى شوارع وأزقة المدينة، ولتدب حياتهم بشكل أفضل وأزهى جمالاً وروعة.
أيتها الحياة كم نحن مستمتعون بأهداب جمالك فلماذا هذا الصمت الممزوج بالقطيعة لكل تفاصيل جمالك وترك ورودك ورياحينك ونظل نجمع أشواكك فتلسعنا وتقض مضاجعنا؟ لا لن نكون بلهاء، سنجمع الورود ونزين بها حياتنا ونرشف من رحيقك الطيب؛ لنسعد بالحياة، ونخرج من الصمت بنفوس متفائلة وسعيدة هانئة.
- شقراء