في كل عام تدفع الجامعات وما في حكمها من مؤسسات تعليمية وتدريبية ومهنية آلاف المؤهلين من الشباب إلى ميدان العمل يحدوهم الأمل في الحصول على وظيفة تؤمن لهم العيش الكريم، فمن الطبيعي أن يتجه بعضهم بعد أن عزّت الوظائف الحكومية وندُر توفرها فلا مناص من طرق أبواب القطاع الخاص وهنا تكمن المشكلة إذ تعُم الفوضى أغلب مؤسسات القطاع حيث لا رابط ولا ضابط إلا من (قوائم) وبيانات - تزفها - تلكم الشركات إلى مكاتب العمل لتشرح صدورهم بنسب (السّعودة) الوهمية ومن ثم تحصل على بغيتها من (التأشيرات).
فبعد ركض ولهاث في مضمار (الملف الأخضر) قد يجد الشاب بصيص أمل في الحصول على وظيفة وكما يقال (امحق) من وظيفة حيث لا مرتب معقول ولا أمن وظيفي ولا حقوق، فبعد أخذ ورد يتم التعيين المشروط بفترة تجريبية قد تستغرق عدة شهور تستفيد فيها (الشركة) من كامل طاقة العمل من الموظف دون أن يكون له الحق في المقابل أن ينبس ببنت شفة عن حقوقه ومستقبله الوظيفي وكل هم المنشأة هنا هو أن تسارع في (قيده) في التأمينات الاجتماعية كيما ترفع النسبة إياها وهذا هو المهم ناهيك عما يستقطع من مساهمة يقدمها صندوق تنمية الموارد البشرية (هدف) كدعم من الدولة.
قد يستمر الموظف رغم قلة المعطيات وهذا في القليل النادر، أو أن يصبح غير مرغوب فيه من قبلهم لا لتقصير منه بل لرغبتهم في إحلال غيره مكانه بعد أن دخل سابقوه ضمن النسبة المشار إليها وتم إلحاقهم في ملف التأمينات وحصلت الفائدة المرجوة لذا تعمد الشركة إلى عدة سياسات منها الفصل التعسفي لأتفه الأسباب وإذا ما غادر الموظف المفصول ليعاود مشوار البحث عن وظيفة فإنه يصدم بتعليق اسمه في (التأمينات) ولا مجال لتوظيفه مرة أخرى.
هذا هو حال الشباب مع التوظيف مع غالب الشركات يزداد سوءا يوما بعد آخر أما على صعيد مباشرة العمل الاستثماري في المشاريع الفردية فالصورة أكثر عتما فعندما رغبت إحدى الشركات التي تعمل في مجال الملابس الرجالية الجاهزة في امتطاء موجة (تنمية المشاريع الصغيرة) لفتح آفاق جديدة لتسويق منتجاتها على عجل قبل أن يسبقها في ذلك آخرون فوجدتها فرصة سانحة في إقحام بعض الشباب في تجربة غير محسوبة وأوهمتهم بالربح الوفير من خلال منافذ بيع لبضاعتها والتي لم يكتب لها النجاح الأمر الذي نتج عنه توريطهم بديون مثقلة جراء القروض التمويلية العالية لغرض التأسيس والتجهيز يقابلها ضعف المردود الربحي في الوقت الذي لم تتأثر موارد الشركة فبضاعتها ليس لها عمر افتراضي بينما من تضرر هو من افترض مبدئيا في أن كل بارقة تجود بمائها والله المستعان.