الأمين العام في اتحاد أي لعبة هو الرجل الثاني في الاتحاد من حيث الصلاحيات والسلطات بعد رئيس الاتحاد، فالأمين العام له يمتلك كل السلطات ويمسك بخيوط كل الصلاحيات التنفيذية التي تمكنه من تنفيذ سياسات الاتحاد وخططه وبرامجه بالشكل الأمثل. وله في ذلك حق الأمر والتوجيه والمخاطبة الداخلية والخارجية، والاتصال بجميع الهيئات والمؤسسات الرسمية في الداخل والخارج بما يحقق مصالح الاتحاد وإنجاز مشاريعه وتنفيذ نشاطاته على الوجه المطلوب دون إبطاء أو تأخير أو إضرار بمصالح ذوي العلاقة. كما أن حساسية موقع الأمين العام تفرض عليه اتخاذ أعلى درجات الحيطة والحذر في التعامل مع جميع الأطراف بما يكفل تحقيق العدالة بميزان دقيق جداً. كما أن مسئوليات الأمين العام تحتم عليه أن يعمل بيقظة تامة وأن لا يجعل للمفاجآت حضوراً في عمله أو نشاطه.
وأمام هذه السلطات والصلاحيات الواسعة والمسئوليات التي لا تحدها حدود والمهام الجسام يجب أن يكون الأمين العام شخصية مختلفة تماماً عن أي موظف أو مدير أو مسئول آخر. فهناك سمات شخصية يجب توافرها في الأمين العام مثل الذكاء والنباهة والفطنة وقوة الاحتمال على ضغط العمل والشجاعة في تحمل المسئولية وسعة الصدر في التعامل مع الآخرين، إضافة إلى التحلي بالصفات التي تتسق مع مسمى المنصب وهي الأمانة والمصداقية والإخلاص والابتعاد عن مواطن الشبهات أو الميل واتباع الهوى أو ما يمكن أن يفسر بأن وراءه مصلحة شخصية.
وعلاوة على ذلك هناك صفات يجب على الأمين العام أن يكتسبها ويتحلى بها ويروّض نفسه على ممارستها ومنها الدقة في العمل، وحسن إدارة الوقت، ومنح العمل الوقت الكامل دون التقيد بساعات دوام رسمي أو غيرها، إضافة إلى إجادته تطبيق مبادئ الإدارة الحديثة، وإتقان اللغات الأجنبية، والتمكن من التعامل مع التقنيات الحديثة، والقدرة على حفظ وفهم واستيعاب الأنظمة واللوائح وتطبيقها ومتابعة مستجداتها بكل دقة. إضافة إلى حسن اختيار العاملين معه وفق معيار الكفاءة، والحرص على التواجد في كل الأماكن والمواقع التي يمتد إليها نشاط الاتحاد.
وعلاوة على كل ذلك يُعد الأمين العام هو الدينمو المحرك لكل أعمال الاتحاد من الداخل ومحرك أعمال جميع اللجان، فهو عضو في كل لجنة من لجان الاتحاد بوصفه أميناً عاماً للاتحاد وهو المطالب بتقديم الدعم اللوجستي لكل اللجان. وتقع عليه مسئولية متابعة عمل كل لجنة، وتقع عليه مسئولية التأخير والإبطاء في إنجاز أي عمل لأي لجنة.
وللأسف أن جل تلك المواصفات لم تكن موجودة في الأمين العام السابق لاتحاد الكرة رغم اجتهاده، وذلك ما تسبب في كثير من المشاكل وظهور الكثير من السلبيات التي عانى منها اتحاد الكرة وعانت منها الأندية وعانت منها الساحة الكروية عموماً. مما أساء لسمعة اتحاد الكرة في الداخل والخارج، وقلل من كفاءة العمل، وألحق الضرر بالأندية.
ودون العودة لتاريخ سابق وحوادث مضت فيكفي أن نسترجع آخر حادثتين شهدتهما الساحة الكروية السعودية وألحقت ضرراً بالغاً بالأندية وأحرجت اتحاد الكرة ووضعته في مأزق كبير لنعلم كيف تسبب تراخي الأمانة وعدم قيامها بواجباتها على الوجه المطلوب، وغلبة الارتجال والعشوائية في عملها. ففي الجولة الختامية لدوري زين كان مقرراً أن تقام جميع المباريات في وقت موحد، وكان يفترض على الأمانة أن تراقب تطبيق هذا القرار من خلال تجهيز غرفة عمليات تتصل بجميع الملاعب التي تقام عليها المباريات للتأكد من انطلاقتها في وقت واحد، ومنع بدء أي مباراة أو تأخيرها عن الموعد المحدد. وهو إجراء معمول به في جميع البطولات القارية والدولية التي تفرض إقامة مباريات في وقت موحد. ولكن ذلك لم يحدث، مما ترتب عليه تأخر وقت بدء مباراة التعاون والوحدة الذي أفضى إلى صدور قرار قاسٍ جداً وغير موفق بسحب ثلاث نقاط من رصيد كل فريق أدى إلى هبوط فريق الوحدة للدرجة الأولى، وهذا الضرر الذي لحق بالفريقين سببه عدم قيام الأمانة بدورها وواجبها في هذا الخصوص. الكارثة الأخرى التي تسببت فيها الأمانة كان خطاب الموافقة على مشاركة اللاعب عبد العزيز السعران في المباريات المحلية وهو الموقوف آسيوياً. مما جعل اتحاد الكرة يقع في موقف لا يُحسد عليه ومأزق لا يمكن الخروج منه إلا بظلم طرف من طرفي القضية.
ولن نسرد مزيداً من الأمثلة فما تم إيراده كافٍ للدلالة على أهمية عمل الأمين العام، وأهمية اختيار الشخصية المناسبة لشغل هذا المنصب الحساس والمحوري.
وإنني إذ أتمنى بعد اختيار الشخصية المناسبة أن يتم إيفاد من يقع عليه الاختيار في دورة تدريبية تطبيقية لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر للعمل في أحد الاتحادات الكروية الأوربية المتقدمة كالاتحاد الإنجليزي أو الإسباني أو الألماني للتعرف على مهام وإجراءات وأسلوب العمل في الأمانة العامة للاتحاد هناك، لكي نبدأ من حيث انتهى إليه الآخرون، وليس من حيث انتهى إليه فيصل عبد الهادي.