|
د. حسن أمين الشقطي :
بمخاوف من كسر نقطة الدعم 6419 نقطة أغلق مؤشر السوق هذا الأسبوع عند 6541 نقطة، خاسراً حوالي 201 نقطة، وهي الخسارة التي تتزامن مع بعض الاضطرابات السياسية بالمنطقة العربية، فضلاً عن الضعف الملحوظ الذي ظهر في بيانات الاقتصاد الأمريكي.. فأخباره هذا الأسبوع لم تكن جيدة، بل كانت متشائمة إلى حد اعتباره أنه يسير في المسار الخاطئ، ومن ورائه بالطبع الاقتصاد العالمي الذي تشير التكهنات أنه تنتظره أزمة ركود جديدة قد تكون أصعب من المنتهية مؤخراً.. ومن جانب آخر، فرغم أن حركة التداول سجلت تماسكاً في مستوى السيولة المتداولة هذا الأسبوع بشكل مشابه لمستويات الأسبوع الماضي، إلا إن تعاملات هذا الأسبوع كانت تتصف بالضعف وعدم الاستقرار النسبي.. البعض يشير إلى أن الاضطرابات باليمن تحديداً لعبت دوراً في هذا الضعف، في حين أن البعض الآخر يرى أن كون هذا الأسبوع المنتهي يمثل نهاية العام الدراسي، وبدء دخول الإجازة الصيفية يمثل سبباً رئيساً وراء هذا الضعف الملحوظ في التعاملات.. فأي من هذه الأسباب هي التي تفسر حالة السوق فعلاً؟
ضعف المؤشرات الأمريكية..
وهبوط شبه البورصات العربية
لا تزال البيانات المتدفقة عن الاقتصاد الأمريكي تلعب دوراً واضحاً في مسار البورصات العالمية، وبخاصة في ضوء ما تتكهن به هذه المؤشرات من تردي الوضع بالاقتصاد العالمي، الذي تدور فحواه حول مزيد من الركود والابتعاد عن أي أوضاع تدلل على انتعاش حقيقي.. فقد أشارت نتائج أحدث استطلاع بالولايات المتحدة حول أداء أوباما إلى أن نحو 59% من الأمريكيين أعطى تقييماً سلبياً لأوباما في معالجته للاقتصاد، بعد أن كانت هذه النسبة تبلغ نحو 55% في استطلاع آخر أجري قبل شهر فقط.. في المقابل فقد سجلت نسبة الراضين عن أداء أوباما بشأن مشكلة عجز الميزانية مستوى منخفضاً جديداً هو 33% بانخفاض 6 نقاط منذ أبريل.. وما هو أسوأ أن حوالي 89% من الأمريكيين أشاروا إلى أن الاقتصاد في حالة سيئة في حين أن 66% أشاروا إلى أن الولايات المتحدة تسير في المسار الخاطئ.. بالتحديد فإن البطالة بالاقتصاد الأمريكي تلوح بأزمة اقتصادية قد تكون عارمة هذه المرة.. هذه البيانات أثرت سلباً على البورصات العالمية، وقادت وراءها هبوط غالبية البورصات العربية التي تباينت في أيام الهبوط والتماسك.
تفاقم الأزمات السياسية باليمن وسوريا.. وقلق الأسواق العربية
رغم اتفاق الكثيرين حول استيعاب البورصات العربية للثورات في المنطقة العربية عموماً، إلا أنه تمر بعض الفترات تتجدد فيها المخاوف، وتصبح الأسواق العربية غير قادرة على تجاوز الخوف والقلق من اشتعال المنطقة بشكل أكبر.. فإيران من ناحية وثورة سوريا من ناحية أخرى، وتفاقم الأوضاع باليمن من ناحية ثالثة أوجدت حالة من الخوف والتردد.. على الأقل بشكل يمنع تدفق أي سيولة جديدة، فما بالنا بالسيولة الموجودة أساساً بالأسواق، بالطبع تتردد كثيراً في البقاء أو الخروج..
بدء إجازة الصيف.. العنصر الحاسم
لتراجع السوق المحلي
رغم استعراضنا أعلاه لعدة عوامل عالمية وإقليمية تمتلك تأثيرات على سوق الأسهم المحلية، إلا أنه ينبغي أن نذكر العنصر الحاسم والمعتاد الذي أثر على أداء المؤشر هذا الأسبوع، وهو بدء دخول إجازة الصيف.. وتقاس هذه الإجازة سنوياً بنهاية العام الدراسي بمراحل التعليم المختلفة، وهذه البداية هي التي تحدد موعد سفر السعوديين، الذي يكون للخارج غالباً.. وسنوياً يحدث نوع من الضعف للتعاملات متمثلاً في تدني حجم السيولة المتداولة شيئاً فشيئاً، ثم تراجع الكميات، وغياب الصفقات الكبيرة من التعاملات..
وفي اعتقادي أن المؤشر الأخير (غياب الصفقات الكبيرة) يعتبر من أبرز المحددات لمعرفة أن ضعف السوق عموماً لا يرجع لأي سبب سياسي أو عالمي، وإنما يعود لبدء إجازة الصيف ومغادرة وغياب عدد كبير من المستثمرين عن شاشة السوق.
تعاملات كبار الملاك..
سوق موازٍ للسوق
قوائم كبار الملاك بالسوق السعودي تظهر أوضاعاً وتعاملات مغايرة تماماً لما يدور بالسوق، فتعاملات كبار الملاك لا علاقة لها بالخسائر أو المكاسب بالسوق، بل في اعتقادي أنهم يحققون أرباحهم القوية في دورات الهبوط والصعود بالسوق، كما أنهم في ضوء ضيق نطاق حركة المؤشر، فإنهم لا يكونون عرضة للخسائر.. وأي حركة بيع أو شراء لكبار الملاك عادة ما تحقق أرباحاً كبيرة لهم.. فالشراء يمكن أن يتم في عز النزول، كما أن البيع يمكن أن يتم عند أي صعود.. بل إن كبر حجم صفقات كبار الملاك عادة ما تكون كفيلة بخلق أوضاع خاصة بالسوق.. وما هو أهم أن كبار الملاك في كل سهم، عادة ما يكونون سوقاً خاصة لهذا السهم بسهولة، ويكونون قادرين على عزله في أي فترة عن بقية السوق.. لذلك، فإن الشريحة الآمنة بالسوق مهما كانت أوضاعه هي شريحة كبار الملاك، وكثير منهم يجني أرباحه بسهولة ربما حتى من دون متابعة لصيقة لشاشة التداول.
مستشار اقتصادي
Dr.hasanamin@yahoo.com