المساجد هي أحب البقاع إلى الله تعالى وهي بيوته التي يعبد فيها ويوحد، أمر الله تعالى برفعها وتطهيرها من الدنس واللغو والأفعال والأقوال التي لا تليق فيها قال جل ذكره: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} قال ابن عباس وغير واحد من السلف: (نهى الله سبحانه عن اللغو فيها) فكان السلف يعظمون المساجد كما عظمها الله ولا يتحدثون فيها بأمور الدنيا وكانوا يحفظون أقوالهم وأفعالهم مما لا تليق بمكانة المساجد، وينهون عن رفع الأصوات فيها وفي السنن الكبرى للنسائي: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سمع صوت رجل في المسجد فقال: أتدري أين أنت؟ وصححه ابن كثير.
ومن الملاحظ على بعض الناس في المساجد وخاصة أثناء الصلاة أنهم يتركون أجهزة الهواتف (ترن) بصوت مسموع يشوش على المصلين ويشغلهم وقد يتسبب في أذيتهم، لا سيما وأن الأمر متاح للإنسان أن يغلقه أو يجعله على صوت خفيف أو غير مسموع لكن غلب على بعض الناس التساهل والإهمال في ذلك والذي ينبغي على الإنسان أن يستشعر قدر الصلاة وعظم مكانتها عند الله فلا ينشغل بغيرها ولا يتسبب في إذهاب الخشوع عن نفسه فيها فهي حق الله الأعظم الذي ينبغي الإخلاص فيه والتفرغ له واستحضار القلب فيه.
ومما يتنافى مع تعظيم المسجد ومكانته - أيضاً - الكلام فيه من غير حاجة في غير ذكر الله تعالى لأن بعض الناس لا يبالي بهذا الأمر فتراه يتكلم في (هاتفه) قبل الصلاة أو بعدها وقد يكون في كلامه مخالفة أو محذور شرعي أو طلب أمرٍ دنيوي وكان الأولى به أن يستفيد من بقائه في المسجد بقراءة القرآن والذكر ولا يشغل نفسه بغير ذلك.
فتعظيم المساجد هو من تعظيم شعائر الله التي أمر بها وتعظيمها يدل على صلاح القلب وتقواه قال جل ذكره: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ } كما كان السلف يفعلون ذلك فلا يليق بالمصلي الانشغال عن هذه الفريضة بأي شيء من أمور الدنيا لا بالقول ولا بالفعل.
والله ولي التوفيق.
* وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية