برغم سعادة الجميع بالقرارات الكريمة المتتالية التي أسبغها خادم الحرمين الشريفين على شعبه منذ توليه سدة الحكم، إلا أن سعادتي أكبر بقراره الحكيم حول تأنيث محلات اللوازم النسائية، لأن فيها انتصاراً للعقل ورفعاً للوعي وحسماًَ للجدل العقيم وحلاً لمشكلة البطالة التي تعاني منها السيدات على وجه التحديد، فضلاً على أن هذه المهنة تخص النساء، بينما القائم عليها رجال أجانب وهو ما يخالف المنطق ويجافي الصواب.
وحين تحتدم الصراعات الاجتماعية وتتبناها فئة تقليدية جبلت على رفض التغيير أياً كان دون مناقشة ما يحمله من مصلحة وفائدة وما يجلبه من راحة واستقرار؛ فإن الأمر يحتاج إلى قرار سياسي يوقف جريان شلال الجدل فيما يعرف بـ(سد باب الذرائع) الذي لو تم تطبيقه مطلقاً لما غادر المرء منزله لئلا يصاب بحادث أو يتعرض لمكروه! برغم أن شرعنا الحكيم لا يكتمل إلا بالإيمان بالقدر خيره وشره. كما أن الإنسان على نفسه بصيرة.
إن فرض الوصاية على مجتمع كامل راشد من لدن فئة متنفذة فكرياً، لهو من باب التبعية التي يمقتها الإسلام ورفضها منذ بزوغ نجم الحرية على لسان سيدها الرسول محمد صلى الله عليه وسلم حين حرّر البشر من عبادة الحجر، وسخر القرآن الكريم من تلك التبعية والموالاة بقوله تعالى: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ}.
إن زرع بذور الظن السيئ في قلوب الناس والتشكيك في سلوكيات البعض، والاعتماد على نظرية المؤامرة والتغريب لا يثمر إلا عن مشاعر عدم الثقة بين الناس، والتخوف من وقوع المكروه وانتظار البلاء بدلاً من النظرة الإيجابية، وشيوع فكرة الخيرية في النفوس ما لم يحدث العكس الذي يجب أن يحارب حينها ويجتث!! ومعروف أن وزارة العمل قد ألغت عام 2006م قرار تأنيث المحلات بعد عامين من صدوره بعد أن اكتنفته المعارضات والضغوط المتشددة دون إيجاد بديل له، مما دفع بعض السيدات لإنشاء موقع إلكتروني تحت عنوان (كفاية إحراج!) وتمت الدعوة من خلاله لمقاطعة المحلات التي يبيع فيها رجال.
وبرغم أن الدعوة تحمل جانباً دينياً وسلوكاً إسلامياً دعا له الشرع واختص به المرأة وهو خصلة الحياء، فضلاً عن الإحراج الذي تمنى به المرأة والفتيات الصغيرات من جراء وقوفهن أمام البائع وهو يستعرض السلعة بكل صفاقة!! إلا أن فئة تحمل فكراً ضبابياً وقفت دون إنفاذ القرار مدعماً بالتشكيك والتغريب بكل ما يختص بالمرأة.
ولأن المرأة قد حصلت أخيراً على حقها المشروع، ونالت مطالبها المنطقية من لدن صاحب القرار السامي الملك الشجاع الذي رفع عنها الإحراج، وأعرض عن كل الأقاويل منطلقاً من ثقته ببناته وأخواته المواطنات، وصدع بالحق متبعاً هدي نبيه عليه الصلاة والسلام؛ فإننا نأمل باستكمال المطالب الواقعية الأخرى التي تحفظ للمرأة كرامتها ونفسها ومالها بعيداً عن التشكيك والمزايدات والمتاجرة بالدين!
rogaia143@hotmail.comwww.rogaia.net