قد يخطر على بالك أن هذا الاسم هو على ذلك الطائر الوديع، أو تلك المنطقة، أو ذلك المشروع.
إنه اسم أطلق على اليمامة الثانوية التي قمت بزيارة موقعها ولم أجدها، نعم، لم أجد في موقعها سوى حديقة غناء تحوي أشجاراً كثيفة، وأزهاراً جميلة، إنها حديقة اليمامة الثانوية، دخلت من بابها والذي كان المدخل الرئيس للمدرسة وإذ بي أرى أعلام المملكة العربية السعودية ترفرف خفاقة وتحتضن لوحات نحاسية حفرت عليها أسماء المتخرجين من عام 1380هـ إلى 1416هـ وقفت صامتاً أمام ذلك الباب والنصب التذكاري.. تمالكني شعور غريب.. هل أنا عدت للمدرسة بعد هذه السنين الطويلة؟
إين حقيبتي أين كتبي، وقفت شارد الذهن، وقد اخترق سمعي صوت جرس المدرسة وعندما التفت وإذ بطفلٍ يلهو بالحديقة راكباً دراجته، عندها أدركت أنه ليس إلا جرس الدراجة، ومع انطلاقة هذا الجرس انطلقت الذكريات وعبق الماضي، سمعت صدى صوت أستاذ الكيمياء: هل فهمتم هذه المعادلة؟ وأستاذ الفيزياء: أعيد لكم الدرس، علي: قم واشرح على السبورة.
واخترق سمعي صدى أستاذنا القدير محمد أبو سليم وهو في مكتبه المطل على فناء المدرسة، وهو يقول: يا مراقب إبراهيم (بسرعة شف الطالب اللي يبي يطمر من فوق السور) (ترى أنا مار من عند دورات المياه شميت ريحة تتن). ويقول لأستاذ الرياضيات وهو بجانبه: أرجوك عطني أسماء الطلبة المتميزين.. وقفت صامتاً أمام تلك اللوحات التي تحمل أسماء كثير من رجالات الدولة من علماء ومهندسين وأطباء، بل أناس حملوا على كاهلهم الكثير من المسؤوليات المدنية والعسكرية والإنسانية المهمة. أقرأ بعض الأسماء وتعلوني الابتسامة والذكريات، وتستقر عيناي على بعض الأسماء الأخرى فتدمع لفراق من هم تحت الثرى. وقفت احتراماً وإجلالاً للمسؤولين الذين أقاموا هذا النصب التذكاري، وأكبرت بمن فكر بوضع هذه الحديقة وأطلق عليها اسم اليمامة التي تركت هذا العش وحلقت لتستقر في موقع آخر لتحتضن في عشها الجديد أجيالاً آخرين بعد أن تأكدت أن تلك الأجيال السابقة قد حلقت في سماء هذا الوطن واتخذوا من ربوعه أعشاشاً أخرى.
شكراً مرة أخرى لمن كرموا هذه المدرسة وأجيالها السابقين الذين حفروا بجدهم وإخلاصهم لهذا البلد كل عطاء وتضحية وأعمال لا تنسى.
ali-aa-z@hotmail.com