كثيرا ما تعتمد الآراء المطلقة في شؤون المجتمع، والأدب والفكر، والتربية وأنظمة المجتمع المرغوب في تغييرها على الرأي الشخصي المفرغ من دعامات الاختصاص، أو الخبرة، أو المعرفة الواسعة..
ويلاحظ ذلك في كثير من لقاءات الشاشات الفضائية بأشخاص يطلقون آراءهم، ويقررون ما يعتقدون أنه حقائق, فيطمسون ما لا يعلمون عنه، ويأتون بكلام عام، مفرغ من الخبرة, والرؤية, وبعد النظر.., ومن حيث المعلومة عنه فهو خال من الحقائق، مجرد من الصدق..
وزادت هذه الظاهرة بتوسع برامج اللقاءات، واحتياج مقدميها لوجود أسماء عديدة يمكنهم أن ينزلوهم منزل المتكلمين في كل حلقة جديدة, من أجل سيرورة البرامج,..
بينما هم يقعون في فخ السطحية، والعشوائية، وفراغ اللقاء من عمق يتوخاه من يقدر له الجلوس لهذا أو ذاك من البرامج والإنصات لما فيها..
كثيرا ما تنتهي بعض اللقاءات، والمشاهد كان ينتظر أن تبنى فيها الآراء في الموضوع المنتقى للحوار بنتائج تضيف، وتعمق الفكرة، وتثري المعلومة، وتنضج القناعة بها، وتبني على أساس، وتفتح آفاقا أوسع لمضامين كانت خفية، أو يستشرف لها، فلا يجد المشاهد إلا قفزات على الحقائق، وجفاء للوقائع الزمنية، وطمسا لخبرات سابقة،.. ربما لعدم الاجتهاد في قراءة متأنية لسجل الموضوع.
وإن أخذنا نموذجا فسيكون أقرب النماذج لهذا، هو ما يتم الحوار فيه عن المرأة والإعلام..فكل الذي مر بسمعي في مثل هذه البرامج، تبنى فيه الآراء على الذاتية، وتنحو بعيدا عن الواقع,..
يصدق ذلك أن أكثر النساء، اللائي تحدثن عن هذا الموضوع ينطلقن من عشر سنوات يرين أنها بداية للعمل الصحفي النسائي, ثم الأدهى أن هناك من يؤلف منهن، وينشر، فيأتي بما لا يطابق الوقائع، وكثيرون من الجنسين حين يتحدثون عن المرأة والإعلام يستبدلون الأسماء، ويسندون الأدوار لغير أصحابها..
يدعوني هذا للشفقة كثيرا على زخرف اللقمة في أفواه من أعطيت له الشطيرة، وهو على غير معرفة بمكنونها.
والقياس على بقية الموضوعات ,والقضايا مجال لأن «تحدث بلا حرج»..