أعلن الاتحاد الأوروبي براءة الخيار من تهمة قتل الألمان ببكتيريا «أوكلاي» واستعاد الخيار سمعته الجيدة بعد أن ثبت أن البكتيريا التي أودت بحياة العديد من الألمان خلال الأسبوعين الماضيين ناتجة عن الهندسة الوراثية الزراعية، إذ ظهرت في بذور لنبتة حبوب معدلة وراثيًا في جنوب ألمانيا.
وبذلك تعود المخاوف من الهندسة الوراثية الزراعية للظهور من جديد، حيث يكمن إسراف الإنسان في العبث بالطبيعة والتدخل في مجراها من أجل الكسب المادي.
فحاجة المطاعم والفنادق إلى توفر كافة الخضروات والحبوب والفواكه لتلبي مطالب المستهلكين جعل علماء الزراعة يستجيبون لحمى الاستهلاك ويتدخلون في شكل وفيتامينات المواد الطبيعية ويضيفون عليها لونًا جديدًا أو ملمسًا ناعمًا أو فيتامينات معدلة.
صحيح أن ثمة نسب عالمية وحسابات مقننة لهذا التدخل لكن هذا لم يمنع من ظهور هذه البكتيريا على الرغم من التزام هذه المزرعة بالتقنين العالمي.
هذا يقودنا إلى سؤال مهم وهو ما مدى تمتعنا في الداخل بمراقبة فاعلة للواردات من الخضار والفاكهة؟ فكثيرون منا يدفعون أكثر ليشتروا المستورد هربًا من مخاوف استخدامات مزارعينا للهندسة الوراثية بدون تقنين. وما مدى فاعلية الرقابة وحزمها على المنتجات المعدلة وراثيًا في الداخل؟
على الرغم من مضي عشر سنوات على صدور «بروتوكول قرطاجة» للسلامة الحيوية النباتية (29 كانون الثاني (يناير) 2000)، والذي يتضمن تشريعات وقوانين تنظم طريقة استخدام الهندسة الوراثية الزراعية، ويدعو إلى وجوب اتخاذ إجراءات مناسبة لإبلاغ البلدان التي قد تتأثر سلبياً. لكن للأسف لم تنضم كثير من البلدان العربية إلى هذا البروتوكول حتى الآن. وخلال العشر سنوات تضاعف استخدام الهندسة الوراثية في المنتجات الزراعية، فهل نحن منضمون لبلدان بروتوكول قرطاجة حتى نحظى بتنبيهات عند حدوث خطر نشوء بكتيريا جديدة في أغذيتنا؟
كما أن هذا يجعلنا نذكر بأن القضاء على الحشرات والآفات الزراعية يعد تدخلاً غير طبيعي هو الآخر ولابد أن يتم وفق نسب عالمية متفق عليها ويعد تجاوزها انتهاكًا لحقوق الإنسان وحمايته! فهل يراقب مزارعونا بحزم وصرامة لتطبيق هذه النسب؟
أسئلة مشروعة لأنها مرتبطة بأغلى ما يملك الإنسان وهي صحته، كما أن لهذا تبعات اقتصادية عالية على الوطن. لابد من التنبّه لها وتطمين الناس بجودة الرقابة وحزمها فيما يتعلق بصحتهم وغذائهم.
وإن (جيتوا) للحق فالطبيعة أحلى في كل شيء وأي شيء ! لكن أكيد ليس على طريقة مريم نور!
f.f.alotabi@hotmail.com
