|
الجزيرة - محمد الخالدي
يبدو أن بعض المدارس الخاصة خلعت رداء «الرسالة التعليمية» الذي ارتدته بجانب الاستثمار وتحولت إلى مؤسسات تنظر فقط لجيوب أولياء الأمور بعين غير مشفقة كما أنها تجردت من أهدافها والتي من ضمنها تقديم رسالة تعليمية ذات قيم عالية موازية للتعليم الحكومي إن لم تكن بجودة أفضل. بعد قرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز زيادة رواتب المعلمين والمعلمات السعوديين العاملين في المدارس الأهلية ووضع حد أدنى للرواتب بحيث تبدأ من 5000 ريال، مضافاً إليه بدل النقل 600 ريال, بدعم من صندوق الموارد البشرية الذي يتحمل 50% من الراتب لمدة خمس سنوات مع شمولهم بنظام العمل والتأمينات الاجتماعية كان يتوقع الكثيرون أن المدارس الأهلية ستتحفز لتقديم خدماتها بأسعار مناسبة للمواطنين المستفيدين كرد جميل للقرار الملكي الذي يهدف في المقام الأول إلى دعم المواطنين عبر حصول أبنائهم على خدمات تعليمية جيدة بأسعار مناسبة. وفي ظل هذه الأجواء الإيجابية المتمثلة بدعم القيادة وتحفيزها لقطاع التعليم الخاص سبحت بعض المدارس ومؤسسات التعليم الخاصة عكس التيار وفاجأت الجميع برفع الرسوم الدراسية للعام المقبل عبر خطابات تم توجيهها مسبقا لأولياء الأمر للتهيؤ مبكرا «للتسعيرة الجديدة» .»الجزيرة «بدورها رصدت إقدام كثير من المدارس الأهلية على هذه الخطوة عبر تجييرها إلى الأمر الملكي الخاص بزيادة رواتب المعلمين والمعلمات بعد صدوره بأيام وجيزة لخدمة مصالحها وتحقيق الأرباح من خلال تحميل الآباء وأولياء الأمور عبئًا ماليًّا إضافيًّا بعد أن كانوا يحلمون بانخفاض الأسعار على خلفية دعم القيادة لقطاع التعليم الخاص، وتتعاظم القضية عندما تخطو بعض المدارس هذه الخطوات دون الرجوع إلى الجهات المسؤولة أي أنها تحدد السعر على هواها. يروي أحد المواطنين لـ»الجزيرة» أنه تلقى خطابا من المدرسة يفيد برفع الرسوم وبعد نقاش مع مدير المدرسة قال الأخير: الأمر بلا ضوابط وإشراف حقيقي وهذه الحقيقة المؤلمة.
بالمقابل وزعت مؤسسة تعليمية أخرى فاتورتها «بالتسعيرة الجديدة» مبكرا لأولياء الأمور حتى يحتاطوا منذ الآن لسدادها مع بداية العام الدراسي المقبل حيث حددت رسوم رياض الأطفال بـ 7 آلاف ريال والابتدائي بـ 9 آلاف والمتوسط 10 آلاف والثانوي 14 ألف. بالمقابل هناك مدارس نفت توجهها لزيادة الرسوم الدراسية للعام المقبل وقال لـ «الجزيرة» مدير القبول والتسجيل برياض التربية الحديثة عامر عبدالله: لا نعتزم تغيير زيادة الرسوم الدراسية للعام 1432 /1433هـ بل هناك خصم 10% لطلاب الابتدائية. وأضاف: نسعى لخلق نوع من التوازن بين الإيرادات والنفقات كوننا في النهاية مؤسسة تربوية ربحية تهدف إلى تسويق التعليم بصورة تنسجم مع توجهات الحكومية وديمومة تطوير التعليم العام لتكون مخرجاته في إطار الهدف المنشود. المواطن أحمد المقبل يقول لـ»الجزيرة»: لدي أبناء وبنات يدرسون في مدارس خاصة وفاجأتني المدرسة بخطابات تفيد بزيادة ألف ريال للرسوم الدراسية للأبناء العام المقبل و1500 للبنات متحججين بطلبات الوزارة الزائدة عليهم والالتزامات بالتطوير.
وكشفت جولة «الجزيرة» عن أن العديد من المدارس قامت بالفعل برفع رسوم الدراسة واتفقت جميعها على مبرر واحد للزيادة وهو» الالتزامات الزائدة بهدف توفير الجودة والتميز» مع أن المشهد في كثير من المدارس لا يعكس هذا الشعار.
المواطن منيف السليم يقول لـ»الجزيرة» بنبرة غاضبة: أي جيل يريدون تعليمه وتأهيله؟ بعض المدارس تفرض على طلابها مصروفاً كبيراً، وطبيعة خاصة من السلوك والتعامل القائم على التباهي وهم على الأغلب لا يأبهون بمخالفات الغش أو مسألة الغياب ويتساءل: أليس هذا الجيل هو نفسه من سيكون عماد المجتمع بعد عشرة أو عشرين عاماً؟ فكيف سيتعلم تحمل المسؤولية، وكيف سيقدم علمه للناس ضمن السلوكيات التي تعلمها. ويردف المواطن أبو ناصر: خاطبتنا المدرسة التي يدرس فيها أبنائي بخصوص زيادة تقرب من العشرة آلاف ريال فمن أين للمواطنين بذلك؟ «الجزيرة» بدورها تضع القضية على طاولة المسؤولين للوقوف على هذه التجاوزات في ظل ما يردده البعض عن عدم وجود رقابة أو إشراف من الجهات المسؤولة على تصرفات تلك المدارس الأهلية وما تمارسه من زيادات مستمرة في الرسوم كل فترة وأخرى.