كنت قبل أن أسطر هذه المقالة المتواضعة أحدث نفسي هل أنا مهيأ أن أكتب عن هذه القامة الفذة التي لن أستطيع أن أعانق فكرها وثقافتها وأدبها حتى ولو على سبيل ذكر مؤلفاتها التي حوتها هذه المجالات ولكن الذي خفف علي من ذلك وأعطاني جرأة الكتابة الجانب الوجداني الذي هو ملكة تكون حاضرة في شخصية الإنسان تتفاعل مع المواقف المحيطة بها وخصوصاً في علاقاتها مع الجنس البشري الذي ترتبط به إنسانياً وخلقياً ودينياً وتتحد هذه المشاركة حسب المواقف التي يمر بها الإنسان فرحاً أو حزناً في هذه الأجواء كتبت هذه المقالة المتواضعة عن شيخنا عبدالله بن محمد بن خميس الذي تعلقت به كما تعلق به الآدباء والمثقفون والمفكرون بل كل أبناء مناطق المملكة لأنه قريب من الجميع باعتباره مدرسة للتراث الشعبي في المملكة؛ فعلى سبيل المثال راشد الخلاوي الشاعر والفلكي قام بتحقيق كتاب عنه يتضمن شعره ونظرته الفلكية والتي فيما سبق كانت مبعثرة هنا وهناك أما بالنسبة لمواهبه ومجالات الحياة التي غطى التعامل معها فهي لا تعد ولا تحصى، فقليل أن تجد مفكراً في عصرنا الحاضر تعامل وتفنن مع منظومة المعرفة كاملة كما هو الحاصل عند شيخنا ابن خميس؛ فالتعليم والعلم بدأه من عصر الكتاتيب إلى عصر التعليم النظامي العام والأكاديمي، عاش أجواءه ونهل العلم وفنونه والتي انعكست على مواهبه المتعددة في الآداب والتاريخ والشعر والجغرافيا وعلم الإنساب، كذلك من الملكات التي وهبها الله له ملكة الخطابة والتحدث بلغة عربية فصيحة تشد كل مستمع له، أيضاً ما يتميز به القيادة الإدارية والتي تعدد صورها في التعليم العام والتعليم العالي وفي الأجهزة الحكمية الأخرى فتقلد إدارة المعهد العلمي بالأحساء ومن ثم إدارته لكليتي الشريعة واللغة العربية بالرياض ومن ثم وكيلاً لوزارة المواصلات ومن بعدها مصلحة مياه الرياض ووسط هذه الأعمال لم يغب عن باله العمل الصحفي؛ حيث إنه كتب في معظم الصحف السعودية وأسس صحيفة الجزيرة السعودية وأسهم في تطويرها حتى وصلت للعالمية، كذلك تعامل مع جميع القنوات الإعلامية المكتوبة والمسموعة والمرئية وكانت له الكثير من البرامج التي يتابعها المهتمون بشخصية ابن خميس وما يقدمه من برامج متنوعة ومن أهمها من القائل؟، أيضاً ترأس فترة من الوقت النادي الآدبي بالرياض وهو من الذين وضعوا لبناته الأولى التي من خلالها أصبح هذا النادي شامخاً يؤدي رسالته الأدبية على أكملوجه، كذلك من الأمور الخالدة في أذهان أبناء هذا الوطن حضور الشيخ عبدالله بن خميس في المناسبات الوطنية من خلال مشاركته في فعالياتها إما بكلمة أو قصيدة. وقبل أن أختتم هذه المقالة أذكر موقفاً حصل بيني والشيخ رحمه الله وخلاصته عندما أصدر كتابه معجم اليمامة (في مجلدين) طلبت منه وزارة المعارف في ذلك الوقت شراء نسخ منه لتوزيعها على المكتبات العامة والمكتبات المدرسية وكان توقيع التعميد من قبل وكيل الوزارة للشؤون الثقافية الشيخ إبراهيم الحجي وقد أرسلت النسخ المطلوبة من قبل الشيخ عبدالله بن خميس بواسطة أحد موظفيه فيما أعتقد أنه كان يعمل في مكتبة الفرزدق التابعة للشيخ عبدالله، وقد طلبت من الموظف أصل خطاب التعميد الذي بموجبه تم تأمين الكتب، فقال: يكتفى بالصورة والأصل يخص الشيخ. فقلت له باعتباري مسئولاً عن مستودع قسم الإهداء بالإدارة العامة للمكتبات العامة: إن الإجراءات المالية المتبعة تستوجب ذلك. واتصل الموظف بالشيخ عبدالله وأخبره بذلك الذي بدوره قال له: ممكن أن تعطيني الأخ منصور لأتحدث معه. بالفعل تحدثت معه ورحب بي وأثنى على معرفتي بالنظام، وقال: يا ابني لا تتخذ أي إجراء بشأن صرف قيمة الكتاب حتى يحضر لكم مندوبنا أصل خطاب التعميد لأنه حصل سوء فهم من قبل الموظف الذي يجهل إجراءات الصرف المتبعة في مؤسساتنا الحكومية. وبالفعل في التالي استلمت أصل التعميد المشار إليه وتم إنهاء الإجراءات المتعلقة بالصرف.. هذا الموقف من الشيخ جعلته تكريماً منه لي لأنه بإمكانه أن يطلب من موظفه بإشعاري أنه سوف يرسل خطاب التعميد في اليوم التالي.
رحمك الله أيها العلم وجعل ما قدمت من أعمال لأمتك في موازين حسناتك إنه سميع مجيب.
منصور إبراهيم الدخيل
مكتب التربية العربي لدول الخليج