يخطئ من يقول إن القراءة التقنية ألغت أو سوف تلغي القراءة التقليدية ولا سيما في عالمنا الإسلامي؛ لأننا أمة عظيمة تمتلك أهم وعاء للقراءة التقليدية ألا وهو القرآن العظيم الذي يملك مخزونا هائلاً يلامس حياة الإنسان من خلال منظومة متكاملة سياسية ودينية واجتماعية وصحية واقتصادية ورياضية كذلك الحيوان والنبات تجدهما حاضرين في هذا القرآن العظيم، ولا يمكن الوصول إلى هذه المعطيات إلا من خلال القراءة تلاوة وتدبراً، ومقابل ذلك (الأجر) الحسنة بعشر أمثالها الذي رسخه نبي الرحمة محمد - صلى الله عليه وسلم - في قوله: لا أقول ألف لام ميم حرف، بل ألف حرف ولام حرف وميم حرف، هذا الفضل العظيم في القرآن لن نجده في أي ثقافة سوى في هذا الموروث المتمثلة في الوعاء الذي له قدسية عند الشروع في قراءته (لا يمسه إلا المطهرون) الذي يتطلب الطهارة عند قراءته، ما يؤكد استحالة الاستغناء عن الكتاب التقليدي طالما أن القرآن قراءته فيها أجر وهو ما يبحث عنه المسلم، علماً بأن القراءة التقليدية لها متعتها وفيها العمق وإثراء الحصيلة العلمية عند القارئ أكثر بكثير من القراءة الإلكترونية عبر الإنترنت، إضافة إلى الميكروفيش والميكروفيلم وغيرها من التقنيات الأخرى.
وقد أثبتت بعض الدراسات أن القراءة الإلكترونية لها جوانب صحية سلبية، باعتبار أن القارئ يتخذ وضعا محددا بخلاف القراءة التقليدية التي تتعدد صور القراءة فيها جالسا أو واقفا أو مضطجعاً أو ماشياً وفي البر والجو والبحر حيث لا تحتاج إلى كهرباء، كما هو الحاصل في التقنية، كذلك عندما نفتش يمنة ويسرة في وسيلة القراءة الإلكترونية نجد أنها لا توفر المناخ المناسب الذي يجعل القارئ يستوعب ويتعمق اكثر في المادة العلمية التي قد تكون لسبب صحي فيما يتعلق بالنظر وإجهاده من قبل الوسيلة الإلكترونية، كذلك يجب ألا ننسى أن القراءة التقليدية لها رونقها الخاص، وهي موروث ثقافي تم التعود عليه من عشرات القرون، ونتذكر الكثير من القراء عندما يهدى إليهم كتاب ما فتجده يدون العبارة المعتادة قرأت الكتاب من الغلاف إلى الغلاف، وهذا الأسلوب يعبر فيه عن متعته من خلال قراءته لهذا الكتاب والطريقة التي يتعامل فيها عندما يقرأ، فنظره على صفحات الكتاب ويده تقلب الصفحات واحدة بعد الأخرى وفي بعض الأحيان توجد بجانبه ورقة بيضاء يدون فيها بعض الملاحظات التي تهمه أو يتحفظ عليها وفي بعض الأحيان يكتب خطابا للمؤلف إذا كان الكتاب أتى إليه عن طريق الإهداء يعرب فيه عن إعجابه بهذا الكتاب.
خلاصة القول أستطيع أن أقول إن القارئ العربي والإسلامي عندما يؤصل وسائل القراءة في موروثنا سوف يدرك أن القراءة التقليدية لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تختفي وهذا القرآن بين أيدينا ويعطي رسالة أيضاً بان الرجوع إلى المادة العلمية لا يحتاج إلى جهد وطاقة كهربائية وهو في مأمن من الفيروسات التي عادة تخترق الأجهزة الإلكترونية وتحدث إتلافا للمادة العلمية. والله الموفق
مكتب التربية العربي لدول الخليج