Friday  17/06/2011/2011 Issue 14141

الجمعة 15 رجب 1432  العدد  14141

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

المجتمعات المنغلقة على نفسها والموصدة لكل الأبواب أمام الأفكار المبدعة مجتمعات تقل فيها الحركة وتألف السكون والهدوء والرتابة لأنها تنزعج من الحراك ويؤرقها التغيير ومحاولات البحث عن مخارج عملية جادة تنقذها من حالات الركود الثقيلة الناجمة عن العيش وفق الأنماط السائدة والمألوفة من عهود بعيدة فصارت لا تقبل بأي جديد يتنافى مع تلك المسلمات من عادات وتقاليد وأعراف ومعتقدات يؤمن أصحابها بأنها من الدين لذلك تسعى تلك البيئة بسطوة روادها لتكبيل العقل الإنساني وقتل منابع الإبداع فيه، وتصفيد مقوماته الأساسية تلك المقومات التي تتمثل في الجرأة والخروج عن المألوف والمعتاد والتفكير خارج الصناديق التي حبس فيها العقل.

المنتجات الإبداعية تصنع في بيئات ملائمة عناصرها الوعي والفكر العالي ومناخ الحرية الذي يسمح للمبدع أن ينطلق في مجالات أوسع ومدارات أرحب فوضع القيود في قدمي المبدع تجعل حركته متثاقلة والحجر على العقل يمنعه من التحليق لأنه يصبح عقلا مبرمجا لا يخطو خطوة دون أن يعمل لها ألف حساب لذلك يجد نفسه فجأة في مؤخرة الركب لا ينجز عمله ويطرحه أمام الناس إلا بعد أن يطرح في بيئات أخرى ويصبح متداولاً لذلك تجد أن أغلبية المنتجات الإبداعية في البيئات المغلقة منتجات منسوخة ومنقولة ودور المبدع الإضافة أو الحذف منها بحدود ما تسمح فيه بيئته الصارمة فهي لا تسمح لأي إنتاج جديد حتى تراجع في أوراقها ودفاترها القديمة مدى انسجام المنتج مع معاييرها.

في البيئة المغلقة تقف العادات والتقاليد والأعراف والخوف من الجديد أو القادم المجهول عثرات في طريق الإبداع الإنساني إذ نجد أن من يأتي بما لايتطابق مع المألوف والمتعارف عليه قد يتعرض للتعنيف والتسفيه والإقصاء والمطاردة والحصار وتسليط السفهاء والحمقى عليه ووصفه بالمارق أوالمعتوه أو الشاذ لذلك لجأ المجتمع إلى تقديم تعليم تلقيني نظري يسطح قواعد العلم وقوانينه بعيدا عن التعمق فيه خوفا من الثورة على الفكر القديم وتحطيم إمبراطوريته.

كثير من المخترعات والمبتكرات التي نستخدمها اليوم ولا يستغني عنها حتى من كانوا يرفضونها في الماضي لو فكر أحد أفراد المجتمع بابتكارها قبل أن تصل إلينا كمجتمع استهلاكي هل كانت البيئة المغلقة ستسمح له؟ خذ مثلا الصورة كانت محرمة إلى عهد قريب ومن فكرة استحداث وسائل سريعة لنقل الصورة، أبدع الغرب والشرق المتطور أجهزة أبدعنا في شرائها واستخدامها بدءا من الكاميرات والتلفزيون وأجهزة الجوالات والحواسب والبلازما والبلاي ستيشن.

الصوت مثال حي أخذت مسألة تكبيره أو إدخال المؤثرات عليه وحتى تسجيله في البيئة المغلقة الكثير من الجدل مما حرم المبدعين من التميز, في البيئات الحرة قدمت منتجات خرافية تعتمد على تقديم الصوت ونقله بمؤثرات غاية في الإبداع.

الرسم عانى من الانغلاق قبل أن يبتكر العالم المتقدم وسائل لاستخدام الرسومات في تقديم العروض المبهرة كفن الكاريكاتير والصور المتحركة لإنتاج أفلام الكرتون واستخدامها كوسائل تعليمية.

في البيئة التقليدية عاني الشاعر حين طرح الحداثة كمشروع لتطوير الشعر وعاني الكاتب التنويري عندما طرح أفكاراً لا تنسجم مع البيئة التقليدية وحتى الراوية عانت من التضييق. في ظل هذا الخنق يؤثر معظم المبدعين الاستسلام والانسحاب بهدوء حتى لا يتعرضون للضغوط والملاحقة.

shlash2010@hotmail.com
 

مسارات
بيئة الإبداع مجدبة!
د. عبد الرحمن الشلاش

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة