|
الجزيرة - الرياض :
إن تزويد مكتبة الملك عبدالعزيز لركن القراءة الثقافي والمكتبة الدولية الثقافية الهامة بمطار الملك خالد بالرياض وسط ملايين الوجوه المسافرة من مختلف الجنسيات والأعمار والأقطار بعدد كبير من الإصدارات والكتب التي تطرق مختلف فروع الفكر والمعرفة وبما يتناسب مع تعدد وتنوع ميول واهتمامات المسافرين من الرجال والنساء والأطفال.. واشتمالها على إصدارات تعريفية بالمملكة العربية السعودية, ومجموعة كبيرة من الكتب حول وسطية الإسلام, ومبادئه السمحة وإصدارات في الفكر والعلوم الإنسانية والتطبيقية وعدد كبير من الروايات الأدبية ودواوين الشعر لدلالة واضحة على أن المسؤولين تلمسوا احتياجات الناس ومتطلباتهم إلى هذا الغذاء العقلي والمعين الروحي الذي يتلذذ به المسافرون لسد رمق فاقتهم في القراءة والتصفح بين معين الحرف والكلمة ودلالة المعنى وسياق الجمل كما يتلذذون بأكل وجباتهم الغذائية اليومية.
سافر مع القراءة:
رئيس قسم الصفوف الأولية والتعليم الأساس بالإدارة العامة للتربية والتعليم بالجوف المشرف التربوي والمربي الفاضل خالد الراشد يرى أن مرور سنة كاملة على تدشين برنامج «سافر مع القراءة» الذي تنفذه المكتبة ضمن المشروع الثقافي الوطني لتجديد الصلة بالكتاب وسط إقبال كبير من المواطنين والمقيمين على القراءة أكبر إثبات ودليل على رغبة الناس بالقراءة خصوصاً وأن القراءة في مثل هذه الأماكن وهذه الأجواء فيها عدة ميزات وخصائص قلما تمر بحياة الإنسان في غير أجواء السفر كما أن الكتب هناك تراعي احتياجات المرأة والطفل من خلال توفير مجموعة من الكتب والمطبوعات الخاصة بالمرأة وقصص الأطفال الموضحة برسوم ملونة التي تناسب كافة المراحل السنية من سن 7 سنوات وحتى 12 عاماً كما أنها تركزت على توفير عدد كاف من الإصدارات المترجمة باللغات الإنجليزية والفرنسية وبعض اللغات الآسيوية لتلبية احتياجات المسافرين من غير الناطقين باللغة العربية وذلك من خلال لجنة متخصصة فكل الشكر للمسؤولين بهيئة الطيران المدني ومطار الملك خالد الدولي لدعمهما الكبير لمشروع أركان القراءة في المطارات الذي كان له أكبر الأثر في النتائج الإيجابية الملموسة والأصداء الطيبة التي تحققت له التي تمثل حافزاً لدارسة إمكانية تعميم الفكرة على عدد من المطارات الدولية والداخلية الأخرى خلال الفترة المقبلة.
صناعة حديثة للقراءة
فيما يرى حمود عتيق الكويكبي المسافر على متن رحلة داخلية من الرياض إلى القريات أن الوصول بالكتاب للقارئ أينما كان وأينما حل صناعة حديثة يجب أن يطرقها المختصون والباحثون في هذا المجال فالمسافر من حقه أن يقرأ، والمطار من أكثر الأماكن ملائمة للقراءة خصوصاً وأن وقت الانتظار به يطول بسبب انتظار الرحلات التي قد يمتد لأكثر من ساعة وأحيانا ساعات عديدة بسبب إلغاء الرحلات وتأخيرها فالوصول للقارئ أينما حل مشروع ثقافي وطني من حق المثقفين والكتاب والمفكرين والإعلاميين أن يفرحوا به وأتمنى أن تنقل الفكرة إلى عدة أماكن أخرى وأن تفعل مثل هذه الأركان في مناطق عدة وأماكن متعددة فما المانع لو تم افتتاح ركن للقراءة في المواني البرية والبحرية وما المانع أن تجد في السفينة ركناً للقراءة مثلما توزع الصحف والمجلات في الطائرات وما المانع لو تم افتتاح (كشكات) للقراءة في الحدائق العامة وفي الملاهي.. خصوصاً ونحن نشعر بالملل يتسلل إلى قلوبنا والضجر يمتد إلى صدورنا ونحن ننتظر أطفالنا يلهون في الحدائق.. صحيح أننا نستقطع وقتاً ثميناً من أوقاتنا لنقضيه معهم وهم يفرحون ويلهون ولكننا نشعر بملل الوقت ونحن ننتظر فراغهم من اللعب لم لا يكون في هذه الحدائق والملاهي أقسام للقراءة تجد بها الكتب والصحف وتتنقل بناظريك بين ملايين الكلمات.
القراءة كمشروع وطني
أما مدير المكتبة العامة بسكاكا الأستاذ مرضي الكويكبي فيشير إلى أن هناك في عدد من الدول العربية المجاورة مشاريع وطنية تدعم من نطاق عال من المسؤولين لدعم الكتاب لتكون القراءة مشروعاً وطنياً للجميع في الحدائق والساحات التي تشهد تجمعاً شبابياً ملحوظاً للشباب ليس حلماً أن يتم دعم وصول مثل هذه المكتبات للشباب وليس حلماً مستحيلاً أن يتم دعم إصدار مليوني للكتاب.. كم أتمنى أن تتولى وزار ة الثقافة والإعلام مثل هذا المشروع الوطني بلا شك سيكون تظاهرة ثقافية فكرية معرفية تنويرية رائدة.. القراءة ليست معدومة بيننا ولكنها كأي ممارسة تستوجب المتابعة والرصد ومواكبة السرعة المتفجرة في سلوك وعادات المجتمع لم يعد الكتاب اليوم الوحيد مصدر المعرفة والتسلية هناك القنوات الفضائية وهناك الإنترنت وملايين المواقع التي تراعي كافة الأذواق والاتجاهات والقيم ويجب على المهتمين بالكتاب نقله مع الناس لمواكبة هذا الانفجار الحضاري والمعرفي المتدفق الذي يشهده العالم.
المكان والزمان
أما المسافر غنام ضامي العنزي فيرى أن طبيعة مكان القارئ وزمانه هو من يحتم عليه نوعية اقتناء للمادة التي يقرأها فالقراءة في صالة المطار تختلف عن القراءة بالطائرة في صالة المطار قد تقرأ كتاباً مركزاً فكرياً أو ثقافياً كالرواية أو البحث العلمي أو التخصص الدقيق ولكن الأمر سيختلف بالطائرة ففي الطائرة ستجد نفسك تقرأ الصحف والمجلات وستتنقل بعينيك بكل هدوء بين الأخبار السريعة والعناوين الملفتة ومقالات الكتاب والأخبار الرياضية والفنية والسياسية أيضاً ولكنك ستقرؤها بدون جهد وتركز بليغ يستوجبه الحال مع نوعية القراءة للكتب العلمية التي يستوجب بها التركيز والجهد فالقراءة بالطائرة قراءة رشيقة وسريعة للمتعة والقضاء على الملل الذي قد يسربه إليك طول الرحلة.. فالرحلة إن كانت طويلة فإن القراءة ستستغرق الكثير من الساعات وهذا يوفر مجالاً أرحب للقراءة المعمقة أما إذا كانت قصيرة تستغرق ساعة أو ساعتين فغالباً ما تنحصر القراءة في الصحف والمجلات.
قراءات للمهمات
من جهته قال باحث علم النفس الدكتور بركات ممدوح إنه ليس هناك ارتباط مؤكد بين نوعية القراءة والسفر بالطائرة فالاتجاه للقراءة لدى بعض المسافرين قد يكون له علاقة بنوعية المهمة وطبيعة الرحلة والهدف منها سواء كانت علمية أو دينية وأشار إلى أنه عندما يكون مشاركا في أحد المؤتمرات العلمية يستغل وقت الرحلة في مراجعة البحث الذي سوف يقدمه.
ومن هنا يمكن القول إن الاتجاهات القرائية قد تتحدد تبعا لطبيعة رحلة المسافر نفسه أو هواياته التي تجعله يتجه لقراءة نوعية معينة من الكتب دون غيرها وذكر أن هناك من لا يقرأون أثناء رحلاتهم لأنهم ببساطة لا علاقة لهم بالقراءة من الأصل كما أن هناك من يفضل الاسترخاء والنوم بخاصة في الرحلات الطويلة.
فرصة ثمينة للقراءة
حسب إحصائيات متوافرة فإن عدد الركاب الذين استقلوا طائرات «الخطوط الجوية السعودية» الداخلية عام 2008 بلغ 28 مليوناً من النساء والرجال. وتفاوت رغبات هؤلاء بين قراءة المجلات الفنية والجرائد فضلاً عن الروايات، وكثيراً ما نسمع عن الفوائد السبع في السفر والتي أجد منها في القراء ملء الفراغ وللاستمتاع بالوقت من خلال قراءة بعض الكتب التي أعكف عليها وإذا حاصرني الوقت سأجد في صالة المطار الوقت الكافي لاستكمال بعضاً مما قرأته أو التي لم يتسع فيها الوقت لقراءتها، القراءة خيار كثير من الركاب في هذا الزمن ورغبات المسافرين المختلفة والمتفاوتة في هذا الجانب هي أيضاً تختلف وتتفاوت هكذا يرى رجل الأعمال عطية مناحي الفالح.
أما المسافر ضيف الله عايد الشراري والمسافر على متن رحلة متجهة من جدة إلى المدينة المنورة فيقول إنه من المؤسف حقاً التراجع الكبير للقراءة عربياً إذ يشير تقرير منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم «اليونسكو» إلى أن معدل نشر الكتاب في العالم العربي بحدود 70% فيما تبلغ حصة كل مليون عربي من الكتب 30 ما معدله 30 كتاباً مقابل 584 كتابا لكل مليون أوروبي و212 لكل مليون أمريكي.
أما الأخصائي الاجتماعي بمستشفى الصحة النفسية الدكتور عطا مناحي الرويلي فيرى أنه يختلف الأثر النفسي للانتظار تبعاً لمسبباته.. فالذي ينتظر حدثاً ساراً يعيش حالة من الانبساط والأمل وعلى النقيض يكون حال الذي يتوقع حدوث حدث مزعج فيمتلئ بالأسى والحزن والاكتئاب.. أما في حالة الانتظار لحدث طبيعي لا يتوقع منه الأذى أو النفع (كالانتظار في المطار) وقد فرض الانتظار فيه لتأخر موعده عما كان مقرراً ففي هذه الحالة تعتمد الحالة النفسية للمنتظر على شغل الوقت ومحاولة استغلاله فيما يسلي النفس ويدفع عنها الملل كالقراءة أو التسوق داخل المطار أو حتى الحديث مع الأصدقاء من خلال شبكات التواصل الاجتماعية على الإنترنت وتزداد الحالة النفسية للمسافر الذي ينتظر رحلته سوءاً عندما يتم تأجيل الرحلة بشكل غير متوقع عندها يفقد رغبة القراء وتصفح الجرائد اليومية المتاحة له في صالة المطار ويحدث ما يعرف بالمزاج القلق والذي يتميز بصعوبة التركيز وسرعة التعب والإرهاق والعصبية والتوتر العضلي (آلام في العضلات) ويزداد الأمر سوء إن حاول فيها الشخص فرض القراءة وهو بهذه الحالة عندها سيلجأ إلى محاولة قتل الوقت بالانتقال من القراءة إلى محاولة النوم الذي سيجد به هو أيضاً صعوبة للدخول فيه.. شخصياً ولظروف سفري الدائم عبر الرحلات الدولية من السعودية للأردن ولمصر والذي أنهيت فيها دراسة الماجستير وأناقش فيها رسالة الدكتوراه الآن لا أجد حلاً لتمرير المتعة والتسلية والمعلومة سوى بالقراءة التخصصية أو غيرها كقراءة الصحف اليومية اللذيذة وسهلة الهضم على عين القارئ وفكره وعقله لسهولة التقاط المعلومة فيها دون عناء وجهد وتفكير كما أن لعدم إحساس القارئ فيها بعدم فرضية وحتمية تفهم ما بين السطور والتمكن من المعلومة بداعي وجود تقييم وتشخيص واختبار سيتم إجراؤه في زمن ومكان محدد عليك يجعل منك رجلاً قارئاً نهماً في صالة المطار أو في وسط الطائرة.
أما إشراق فادي فلها مع مجلات المرأة والأسرة والجمال والموضة حكاية فعلى متن الطائرة تقضي إشراق وقتها وهي تبحث عن كل جديد في عالم المرأة في الأزياء والماكياج بحثاً عن كل ما يخص تميز وتفرد المرأة في بيتها ومع أطفالها فتهتم بالديكور المنزلي وبأناقة الطفل وبتسريحات الشعر والعطور وتشاركها الرأي والاهتمام نفسه المعلمة ندى محمد التي تجد في السفر فرصة للاستعداد للتسوق والذي تتم مواكبته من خلال قراءة المجلات المتخصصة أو الصحف اليومية على متن الطائرة أو قبل ذلك المهم أن تجد المرأة دليلها إلى قلب الرجل وقد تكون بوابة المطار أحد تلك الاتجاهات.