أبان اكتشاف البترول في المناطق العربية سواء شرق السويس أو غربه، وكانت المنطقة تسمى حسب مواقع الدول الاستعمارية التي تستعمل المصطلحات الدالة والمؤكدة لنفوذها، ولأنهم يعملون على تغييب مصطلح الدولة العربية الواحدة، فلا يستعملون مصطلح المنطقة العربية، كما لم يتداول بعد مصطلح الشرق الأوسط؛ لأن إسرائيل لم تزرع بعد في المنطقة، ولأن بريطانيا هي القوة الأعظم في ذلك الوقت، وكون مركز عملياتها العسكرية في السويس لحماية الكنز البريطاني «قناة السويس» الذي هيمنت عليه بمشاركة الفرنسيين، فإن المنطقة العربية قسمت على شرق السويس هو المشرق العربي وغرب السويس شمال إفريقيا.
في هذين الجناحين العربيين بعد اكتشاف الثروة البترولية انتشر المستشرقون والجواسيس، والصحفيون والدبلوماسيون، وكل من يستطيع جمع المعلومات عن هذه المناطق العربية التي كان بعضها خاضعاً للاستعمار الغربي بأطرافه الثلاثة «البريطاني والفرنسي والإيطالي» إلا أن تقسيم المنطقة العربية إلى دول وكيانات تتطلب تجديد المعلومات ودراسة أية متغيرات لإبقاء المنطقة تحت هيمنة ونفوذ الاستعمار الغربي.
جيش المستشرقين والدبلوماسيين والصحفيين والجواسيس الذين تدفقوا على المنطقة التي لم تكن مشابهة للمناطق والدول التي جاؤوا منها من حيث الخدمات وإشغال الوقت، فلا مسارح ولا نوادٍ اجتماعية ولا سينيمات، فراغ قاتل طوال اليوم، يقضيه «الباحث الجاسوس» في جمع المعلومات، يعود بعدها إلى منزله أو الاستراحة التي خصصت له لترتيب ما جمعه من معلومات ومحاور لبحوثه عن المنطقة حتى يتم إرسالها إلى العواصم التي أرسلته ليجري هناك تحليلها ومقارنتها مع ما أرسل من تقارير أخرى.
هؤلاء الباحثون الذين يعيشون أوقاتاً قاتلة لا يفعلون فيها شيئاً، فحتى محطات التلفاز لم تكن متوفرة آنذاك ولا تصل للمنطقة، لهذا لم يكن أمامهم سوى اللجوء إلى تناول المشروبات الروحية التي اعتادوا تناولها في بلدانهم، وفي منطقة لا عمل لهم سوى جمع المعلومات والبقاء طوال اليوم بلا عمل، أسرفوا في تناول تلك المشروبات التي أخذت تؤثر على محتوى تقاريرهم حتى أن العواصم الغربية وممن أصبح لديهم خبرة بأحوال المنطقة من كثرة ما يأتيهم من معلومات، كانوا يشعرون بالتناقض والتضارب بين التقارير، فاصطلحوا على تسمية التقارير المتناقضة بتقارير «سكوتش كول» إشارة إلى استعمال ممن يُرسلون لدراسة أحوال المنطقة لنوعية معينة من المسكرات ممزوجة بشراب الكولا.
تقارير سكوتش كولا ظلت إلى وقت قريب مرجعاً لكثير من الغربيين والأمريكيين الذين لا يعرفون أحوال المنطقة إلا من خلال تقارير السكوتش كول وحتى الآن نجد تأثير هذا الشراب المسكر على هذه التقارير التي آخرها ما كتبه الصحفيون الغربيون عن أحداث البحرين وليبيا واليمن.
jaser@al-jazirah.com.sa