المفسرون الذين صالوا وجالوا في التراث الإسلامي هم من الرجال، وحين تزاحمهم المرأة يتندّرون عليها بما خلقها الله عليه وينعتونها بذات المحيض إنْ كانت شابة، والقاعدة من النساء إنْ كانت ناضجة؟؟
ومن يقبلون وجودها في دائرتهم المقدّسة لابد أن تكون مدجنة تقول ما يقولون فتصف النساء كل النساء - ما عداها - بالغرات الكواعب المخدوعات سريعاً بمعسول الكلام !!
جنان التميمي باحثة دكتوراه سعودية في علم النص، تناولت مفهوم المرأة في قراءات المفسّرين للنص الشرعي وكيف نظر لها هؤلاء المفسرون، وقارنت بين أفهامهم ونص القرآن وتفسيرات اللغة، وخرجت بنتائج مذهلة ومدهشة لاشك أنها تجعل كل من يقرأ بحثها يعيد النظر في تعامله مع تراث بعض المفسرين.
هل من عاقل يصدق أنّ أحد المفسرين يرى المرأة جعلاً للرجل هي مثل الدابة والبحر والشجر كل مسخّر للرجل كي يعيش ويتعبّد لله، وبعضهم رأى أنّ تكليفها إنما جاء فقط لتبقى في طاعة الرجل وتهاب معصيته أو خيانته، وإلاّ فهي كالأنعام؟؟
تراث المفسرين ليس مقدساً وإنزاله منزلة التقديس مخالف للشرع، فما هم إلاّ بشر مثلنا وقد خلق الله لنا عقولاً وميّز بعضنا عن بعض بالدأب والاحدداب على علم ما أو موهبة ما كل ميسر لما خلق له. جنان التميمي تقدّمت بجرأة إلى منطقة شائكة، كانت الكثيرات يقفن قبلها بمراحل طمعاً برضا الذكور ونيْل مباركتهم لإنتاجها، أو خوفاً وهلعاً من الحزب الذكوري المهيمن على التفسير، الطارد بقوة لكلِّ أنثى تقارب التراث بفكر ناقد ومختلف وموضوعي وغير متحيّز.
بحث جنان التميمي الذي تنوي طباعته بكل ثقة وجرأة وسعدتُ بالاطلاع عليه جاء في مقدمته:
« أيتها المرأة.. التي أغرقها التاريخ بشتائمه.. لقد أنصفك ربك من فوق سبع سماوات وظلمك المفسّرون «
تناولت فيه مفهوم المرأة عند المفسّرين للآيات القرآنية الكريمة التالية:
{وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى}
{وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَة}
{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء}
{أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ}
وغيرها كثير من الآيات الكريمة التي تتناول المرأة، كما توقّفت الباحثة عند مفهوم المرأة في القرآن: المرأة الملكة - المرأة الأم - المرأة النبية - المرأة المجاهدة وغيرها.. وهو جهدٌ علمي مميّز وشجاع.
بعد قراءتك للبحث ستوقن مثلي بأنّ المفسرين ومن ما يزالون ينقلون عنهم، مسئولون مسئولية كاملة عما تواجهه المرأة من نظرة دونية، وهي النظرة التي ترتّب عليها فقدان المرأة لحقوق كثيرة ما كانت لتفقدها لولا إأفهام المفسّرين ومن تبعهم من مقدّسي تفسيراتهم، فحسبنا الله ونعم الوكيل !!
f.f.alotabi@hotmail.com