إن النقود في سبيلها الآن لتصبح رقمية على نحو مطرد، وكما علق جيمس جلايك من صحيفة نيويورك تايمز فإن النقود الرقمية هي نقود تتجسد في نهاية الأمر في شكل معلومات بحتة. لقد أصبح هذا الأمر واقعاً الآن بالنسبة للبنوك الكبيرة والمؤسسات الدولية، ومن حوالي 4 تريليونات دولار تتداول في أمريكا، فإن العُشر منها فقط هو على شكل نقد حقيقي وعملات مخزنة في صناديق البنوك وجيوب الناس. ويعلق كاويكا داجيو من رابطة المصرفين الأمريكيين على ذلك قائلاً: إن الناس اليوم لا يضعون 5 بلايين دولار في شاحنة ويذهبون بها من بنك إلى آخر، إن هذا عمل غير معقول. وفي المستقبل سيختفي حتى هذا العُشر ويصبح إلكترونيا، وعندما تهبط تكلفة الشرائح الدقيقة في السنوات القادمة إلى مجرد بنسات سيكون هناك ضغط اقتصادي كبير على الناس للتحول إلى البطاقات الذكية والنقود الرقمية. ويعود هذا إلى أن الإبقاء على مجتمع قائم على النقد عملية مكلفة جداً.
لذا، ترى كارول فانشر الباحثة المتخصصة في البطاقات الذكية لدى شركة موتورولا أن عد النقود ونقله وتخزينه وحمايته يكلف حوالي 4% من قيمة كل التبادلات، كما أن الفائدة المفقودة جراء الاحتفاظ بالنقود بدلاً من حفظها في حسابات ادخارية كبيرة أيضاً.
يقول شولوم روزن من سيتي بنك إن المال دين على أحد البنوك، هذا هو الأمر ببساطة، ولم يعد ذهباً ولا فضة أيضاً. إن النقد القابع في البنك هو مال لا يجلب فائدة، ولا يزداد قيمة ويجب دوماً حمايته.
جاء في كتاب كاكو (رؤى مستقبلية): لقد احتلت أوروبا الصدارة في الإنتاج الكبير للنسخ الأولية من البطاقات الذكية التي تتضمن بضعة كيلو بايتات من الذاكرة.
ويعد استخدام المستهلكين لهذه البطاقات، كبطاقات هاتف بشكل رئيس في فرنسا، برهاناً على ما لها من قيمة، حيث يستخدم أكثر من 20 مليون بطاقة ذكية، وكذلك الحال في باقي أوروبا، حيث أصدر معظم الـ 250 مليون بطاقة ذكية الموجودة في حيز التداول.
ولقد بدأت بإصدار بطاقات ذكية تحمل معلومات صحية أساسية لكل مواطنيها. وشهدت الألعاب الأولمبية في أتلانتا عام 1996م أكبر تجربة لاستخدام البطاقات الذكية اعتمدت من قبل المطاعم والمحلات وشبكة قطارات الأنفاق.
إن البطاقات الذكية في المستقبل القريب، كما يتوقع الخبراء، ستحل محل بطاقات الهاتف والقطار والترانزيت وبطاقات الاعتماد والبطاقات المستخدمة لعدادات وقوف السيارات، ولتحويل مبالغ نقدية صغيرة ولآلات البيع، وسوف تخزّن أيضاً تاريخنا الطبي وسجلات الضمان ومعلومات عن جواز السفر وكامل سجل صور العائلة، ويمكنها حتى أن تتصل بشبكة الإنترنت!!...
- عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية