وزارة التربية والتعليق تعشق التجديد والتطوير وطرح كل ما هو مفيد لأبنائنا الطلاب والطالبات، ولكنها في مادة العلوم أسرفت في عملية التطوير حتى أصبحت جرعة مزعجة ودواء له مضاعفاته، ولم يطرح بصورة يراعي قدرات طلابنا مما أضاف صداعاً جديداً للآباء وأولياء الأمور.. ولسان حالهم يقول حرصنا بكل جهدنا أن نذلل الصعاب ونسهل المواد لفلذات أكبادنا في المرحلة الابتدائية، ونجعلها مواد بسيطة ومحببة، ونقوم بمساعدتهم بكل ما نملك من قدرات علمية ومعرفية حتى تكون مواد يتفاعل معها الطالب ويستفيد منها، وقد حققنا نتائج إيجابية في المواد الدراسية التي لم تخضع للتطوير، لكننا في تلك المواد المطوّرة قد حققنا نتائج أقرب للسلبية، من خلال محاولاتنا توصيل المعلومة التي يحويها الكتاب حتى تكون تحت سيطرة إدراك الطلاب، مما جعل البعض قد يلجأ إلى عناصر ووسائل مساندة ولاسيما في مادة العلوم، مع العلم أنّ الرياضيات ليست عنها ببعيد. لذا نحن أمام حقائق علمية جميلة ومفيدة، ولكنها تبدو طلاسم في بعض موضوعاتها بين يديْ أبنائنا الطلاب وبناتنا الطالبات الذين لا تتجاوز أعمارهم 12 سنة، وإذا أخذنا كعينة منهج العلوم للصف الخامس - النصف الثاني -، فنحن لا نعرف كيف نصنّف هذا الكتاب الجميل في طباعته والأنيق في منظره والبديع في إخراجه، ناهيك عن صوره البارعة وملمسه الناعم، ولكن كل هذا لا يشفع له أن يكون وجبة علمية أسبوعية يتغذى عليه أبناؤنا وبناتنا لأنه كامل الدسم وعسير الهضم، يحتاج إلى عقول مثالية من كوكب آخر. ومن خلال استعراض (مطبخ) هذا الكتاب تلاحظ في الصفحات الأولى أنه كتاب معرّب ومترجم مع إضافة عنصر التنسيق وفن الإخراج، لكن يا وزارتنا العزيزة هل تم قياس المستوى العلمي لهذا المنهج والعمر الذهني والقدرة الاستيعابية لطلابنا؟، فالقارئ لهذا الكتاب أمام موسوعة علمية بلا حدود، فلا تعلم هل هو كتاب للطقس والمناخ أو للكيمياء أو الفيزياء، مع معادلات رياضية تربك عقول الكبار فما بالك بالبراعم والناشئة، إنّ اللغة التي خاطبت الطلبة فيها روح البحث والاستنتاج والفكر الراقي، وتحتاج إلى معامل مساندة تطبق النظريات إلى أعمال مشاهدة ومحسوسة.. كما يحتاج إلى مختبرات قادرة على صنع المعادلات الكيميائية، وقبل هذا تواجد الرجل المسئول عن تلك المهام السابقة «محضر المختبر» الذي لا يتوفر حالياً في معظم المدارس الابتدائية، فأين المفر يا وزارتنا العزيزة وكف السبيل إلى إيصال معلومة دقيقة من قِبل «معلم الميدان» الذي هو الآخر مصدوم بهذا الكم من المعلومات؟، وكيف يحاول أن يفككها ويحللها ويبسطها لكي يحتويها فكر هذه البراعم الصغيرة، وحيث إنّ هذه النسخ من المناهج المطوّرة هي «عينة تجريبية» قابلة للتدخل الجراحي وإعادة النظر مرة أخرى.. فأرجو رسم خارطة طريق جديد لمادة العلوم مع مفاتيح مساندة تسهل قراءة ما بين السطور، وتشكيل لجنة لوضع ضوابط لهذا المنهج، حتى يصبح مناسباً لمدارك وقدرات أبنائنا وبناتنا، ويستطيع الجميع إتقان المهارات الأساسية والأولية التي تساعد على بنائهم العلمي التطبيقي والنظري.. والله من وراء القصد.
الرس