تُعرِّف الـ(ويكيبيديا) السياحة، بأنها نشاط السفر بهدف الترفيه، والسائح هو ذلك الشخص الذي يقوم بالانتقال لغرض السياحة لمسافة ثمانين كيلاً على الأقل من منزله.

ولأننا ما زلنا نحبو في ميدان هذه الصناعة العالمية،

التي تدر مئات المليارات من الدولارات، على كثير من الدول العربية والأجنبية، فإن حديثنا لن يتجاوز حدود السياحة المحلية، التي ما زالت تقبع في مربع الأماني والتطلعات، حتى بعد أن أصبحت لها هيئة عليا، ولها فروع وخطط وبرامج، يجري الحديث عنها، وترتفع نبرة هذا الحديث بيننا، مع موسم الاصطياف تحديداً في كل عام، فكأننا ما زلنا ندور في فلك مفهوم الاصطياف المرتبط بأشهر الصيف، ولمّا ندخل بعد في مفهوم السياحة الأوسع، الذي هو أبعد من سياحة صيفية، إلى سياحة شتوية وربيعية وصيفية على مدار العام.

جاء في تصريح نشر مؤخراً لسمو الأمير (سلطان بن سلمان)، رئيس الهيئة العليا للسياحة والآثار، ما يفيد حرصه على أهمية الثقة بين قطاع السياحة والمواطن، وقوله: إن أمام قطاع السياحة فرصة تاريخية يجب استغلالها.

أتفق مع سمو الأمير سلطان في أهمية الحفاظ على الثقة بين قطاع السياحة والمواطن، وفي رؤيته لمستقبل هذا القطاع الذي يملك في الحقيقة أكثر من فرصة تاريخية، حيث يجب عليه الإسراع في استغلالها، فلا يجب أن تبقى هذه الفرصة تاريخية إلى الأبد، بل يجب أن تتحول إلى فرصة آنية واقعية معاشة، خاصة وأن المملكة تتوفر على بنى ومقومات سياحية لا عد لها ولا حصر، ولكن استغلال هذه البنى والمقومات في صناعة سياحية مربحة، هو المشروع الذي لم يتبلور بشكل واضح، ولأننا نتحدث تحديداً عن سياحة محلية عائلية، تخدم الأسر السعودية بالدرجة الأولى، وخاصة في أشهر الصيف اللاهبة، فها هي العوائق والعراقيل، تطل برأسها في الطرق الطويلة، وفي المطارات الإقليمية، وفي بعض المدن الطرفية، وفي الكثير من الفنادق والشقق والأسواق والمنتجعات، إلى جانب شح في مياه الشرب، وقطع في الكهرباء، فعن أي سياحة يحلو لنا أن نتحدث مع بداية هذا الموسم السياحي..؟

لن أتطرق لأسعار الفنادق والشقق، فهذه يُفترض أن تخضع للعرض والطلب، ولكني أتحدث عن صعوبة في التنقل جواً بين مدن المملكة، لأن الناقل الوطني الجوي الذي يحتكر السوق، غير قادر على تلبية طلبات السوق في الأيام العادية، فما بالك بموسم الحركة والتنقل في أشهر الصيف هذه، ولأن السفر برًا مئات وآلاف الكيلات عبر الطرق البرية، غير معزز بخدمات تليق بالمسافرين على هذه الطرق، فلا مطاعم ولا وحدات سكنية جيدة ونظيفة على هذه الطرق، ولا حتى خدمات صحية وإرشادية، وإذا وصل السائح إلى وجهته التي يريد، فسوف يبدأ رحلة بحث مضنية عن سكن لائق، لعدم وجود تنظيم يوفر هذه الخدمة قبل انتقاله من مقره.

سياحتنا الداخلية التي نحب ونرغب لأسرنا داخل حدودنا، تواجه منغصات عدة، من أبرزها عشوائية السائح السعودي نفسه، الذي تعود الحركة بدون تنظيم ولا جدولة مسبقة، وجهله بما تتوفر عليه الوجهة التي يريد، من معالم تاريخية وأثرية وسياحية وغيرها، ودخول أفراد أو مجموعات إلى بعض المنتجعات بذريعة الاحتساب، ومن ثم الاحتكاك بهذا وذاك من السياح، والتنغيص على الأسر والعوائل، إلى غير ذلك مما يجعل بعض الوجهات الخارجية مفضلة عند بعض الأسر السعودية، وهذا حقهم الذي لا ينازعهم فيه منازع.

يبدو أننا سوف ننتظر طويلاً قبل أن ندخل نادي الدول السياحية الأكثر جذباً في العالم، مع أننا نتفوق على كثير منها في هذا المجال، فنحن لم ننجح بعد في توفير صناعة سياحية داخلية مفضلة عند السعوديين، الذين ما زالوا يفضلونها خارجية، مع أننا نملك مقومات سياحية متعددة: دينية وعلاجية وتسويقية وترفيهية وعلمية وغيرها.

لكي نعرف مكانتنا السياحية في هذا العالم، تعالوا نعرف أكبر عشر دول سياحية، كم تستقطب في العام الواحد، وكم تكسب في العام الواحد.

في إحصائية عام 2010م، تأتي مصر على رأس القائمة، فقد استقطبت (81،9 مليون زائر)، ثم تلتها فرنسا (59،2 مليون زائر)، ثم الولايات المتحدة، والصين، وإيطاليا، والمملكة المتحدة، وألمانيا، وأوكرانيا، وتركيا، وعاشراً المكسيك (21،4 مليون زائر)، ومجموع زوار الدول العشر في عام واحد (417 مليون زائر).

وفي العام نفسه، كانت مداخيل عشر دول هي: (الولايات المتحدة - إسبانيا - فرنسا - إيطاليا - الصين - المملكة المتحدة - ألمانيا - إستراليا - النمسا - تركيا) مجتمعة: (439 مليار دولار)، كان نصيب الولايات المتحدة وحدها (98 مليار دولار)، والدولة الأقل تركيا: (18،5 مليار دولار)، ولو أدرجت مصر ضمن التصنيف المالي لوصلت إلى (120 مليار دولار) ربما. أين مصر من التصنيف المالي لعام 2010م ..؟ وكيف هي مع سياحة 2011م يا ترى..؟!

صناعة السياحة في هذا العالم، كعكة كبيرة جداً، ورافد اقتصادي في غاية الأهمية، لهذا يجب أن تكون لنا حصة مجزية من هذه الكعكة، ولنبدأ بتطوير سياحتنا الداخلية أولاً، لكي تصبح جاذبة ومشجعة على الصرف في الداخل بدل الخارج، ثم ننطلق لفتح المجال والكسب من هذه الصناعة كما ينبغي أن يكون.

متى يحين ذلك..؟ الله أعلم.