أعرف حق المعرفة بأن توجيهات خادم الحرمين الشريفين أن يكون لبلادنا حضور مميز وفاعل في كل المحافل الدولية، وفي المؤتمرات والندوات واللقاءات الإسلامية على وجه الخصوص، وأعلم بأن معالي وزير الشؤون الإسلامية يدرك أهمية أن يكون لهذه البلاد، بلاد التوحيد، بلاد الحرمين الشريفين، قبلة المسلمين ومأوى أفئدتهم، أعلم أنه يدرك بأن ترك الساحة هكذا سيجر على الأمة الإسلامية وليس السعودية فقط من الويلات ما لا تحمد عقباه.
لنكن أكثر وضوحاً وصراحة فليس ثمة شيء يجب إخفاؤه، أو الحذر منه، نعرف جميعاً خطر التمدد الصفوي الذي لم يعد سراً، ولم تعد خطط هؤلاء القوم ضمن أجندة مخابراتهم بل أصبحت مكشوفة معلومة ومعلنة من قبلهم، ومع كل هذا فما تقوم به وزارة الشؤون الإسلامية في بلادنا لا يذكر أبداً على الرغم من حرص خادم الحرمين وحديثه الدائم عن وجوب أن يكون لنا حضور ومشاركة فاعلة في كل ما يتعلق بالأمة الإسلامية، نصرة لهذا الدين وعوناً لهؤلاء المسلمين.
نتألم كثيراً عندما نرى التجمعات الإسلامية خالية أو شبه خالية من مشاركة سعودية! بينما نرى المشاركة المضادة على أعلى المستويات، أمر في غاية الغرابة، أن لا يكون لدولة قبلة المسلمين الحضور المأمول، وهي التي يعول عليها كل أبناء المسلمين آمالهم في كل شؤون حياتهم وليس اقتصادهم فقط.
خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- هو من دعا إلى تواصل البشرية أياً كانت دياناتهم من أجل حفظ السلم الدولي، وهو من قال في أكثر من محفل أن سلام العالم يهمه شخصياً بصفته رجلاً مسلماً قبل أن يكون قائداً لدولة من أهم دول العالم، اقتصادياً وسياسياً ودينياً، وهو المؤكد دائماً على أهمية رعاية المملكة للمسلمين وقضاياهم.
كنت أعرف قبل أحداث 11 سبتمبر المشؤومة أن للمملكة صولات وجولات في أنحاء العالم وأن لها مشاركات إسلامية كبيرة ومؤثرة، ولكن بعد هذا التأريخ بدأت في التقلص إلى أن وصلنا إلى وضع غير مناسب بل ومؤلم، وما هذا في اعتقادي إلا تقاعس من وزارة الشؤون الإسلامية وليست سياسة حكومية، فقد حاولت قبل كتابة هذه المقالة تقصي الحقيقة بشكل شخصي، فعرفت أن الوزارة هي من رضي بهذا السكون وإلا فالتوجيهات الملكية تقضي بالمشاركة الدولية للمملكة وأن يكون لها حضور مميز.
إن قضية مشاركة المملكة العربية السعودية في الملتقيات والمؤتمرات الإسلامية ليس في اعتقادي مستحباً بل واجباً تمليه علينا مسؤوليتنا تجاه كل المسلمين لكوننا شرفنا الله برعاية وخدمة بيته الحرام ومسجد رسوله صلى الله عليه وسلم، وكون قائد بلادنا يحمل هذه الصفة العظيمة -خادم الحرمين الشريفين- مما يؤكد مسؤوليتنا الأخلاقية عن كل المسلمين بشكل أو بآخر، وأن أي خلل يحدث في هذه التركيبة الدينية في عالمنا الإسلامي نتحمل وزره إذا تقاعسنا عن أداء واجبنا، وأن من أوجب الواجبات حماية معتقدات المسلمين من خزعبلات هؤلاء القوم وعقائدهم الفاسدة، وفي اعتقادي أن من الأمور المهمة في الحفاظ على المجتمعات الإسلامية لتبقى ذات عقيدة صافية نقية إعطاء المنح الدراسية لأبناء المسلمين ليتعلموا في جامعاتنا كجامعة الإمام محمد بن سعود والجامعة الإسلامية وغيرهما، فخطر تبدل عقائد الشعوب الإسلامية اعتبره خطراً مركباً لكونه انحرافاً من العقيدة الصحيحة إلى العقيدة الفاسدة، والخطر الآخر هو خطر سياسي اجتماعي من هذا التمدد الذي يعد تمدداً مدمراً لنا في منطقة الخليج والعالم العربي بعامة.
إن المأمول من وزارة الشؤون الإسلامية التحرك نحو العالم الإسلامي القريب منه والبعيد، الدول والأقليات وبشكل فوري ومكثف وعلى كافة الأصعدة لتقطع الطريق على من يريد بهذه الأمة وعقيدتها سوءاً، قبل أن يأتي يوم نعض فيه أنامل الندم ولات حين مندم.
اللهم هل بلغت اللهم فاشهد.
والله المستعان.
almajd858@hotmail.com