|
مع حلول كل ربيع، تقوم صحيفة «وول ستريت جورنال» (Wall Street Journal) بنشر تقريرٍ حول التعويضات الممنوحة للرؤساء التنفيذيين. وقد استعانت في تقريرها لهذا العام باستطلاع شركة «هاي غروب» الاستشارية (Hay Group) لغاية تفصيل مختلف مستويات الرواتب المخصصة للرؤساء التنفيذيين في أكبر 350 شركة مدرجة في الولايات المتحدة. ويشهد كل عام حالة من الغضب حيال حجم رزم التعويضات، بخاصة إذا ما قيست بالنسبة إلى معدّل العمال العاديين. والعام 2011 لم يكن باستثناء، ولكنّ الانتقادات هذه المرة خلّفت نزعةً خاصةً في مرحلة ما بعد الأزمة. والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا الصدد هو التالي: لم يجنِ الرؤساء التنفيذيون معدّل 9.3 ملايين دولار، ما يزيد بنسبة 11% عما كانوا يحصّلونه عام 2009 فيما لا يزال الاقتصاد يعاني؟
والإجابة عنه هي بكل بساطة التعويضات المستندة إلى الأسهم. والفائز في ترتيب أحجام التعويضات هو تعويض فيليب دومات من «فياكوم»(Viacom) الذي علا بنسبة 150% إلى 84 مليون دولار مع العلم بتأتي 66% منه عن انقسامٍ متساوٍ في خيارات الأسهم والأسهم المقيّدة، يليه تعويض شخصية أخرى معروفة هي لاري إليسون من «أوراكل» (Oracle) بحصوله على 69 مليون دولار، 90% منها يتأتى عن خيارات الأسهم.
وفي هذه الآونة، يسجّل السوق الأميركي ارتداداً: ففي العام 2011، علا مؤشر «ستاندرد اند بورز 500» (Standard الجزيرة Poor’s 500) بنسبة 13%، ولكنه لم يتعافَ حتى الآن من كافة الخسائر التي مني بها منذ العام 2008. وكان المؤشر قد حقق أعلى مستوى له على الإطلاق عند 1565.15 في 9 تشرين الأول (أكتوبر) 2007، وتدهور في خريف العام 2008 ونهض من جديد إلى 676.53 في 9 آذار (مارس) 2009.
ومنذ ذاك الحين، تضاعف «ستاندرد اند بورز 500» وصولاً إلى 1331.10 (عند الإقفال في 27 أيار (مايو) 2011). إلى ذلك وعلى الرغم من أنّ المؤشر لا يزال يبعد 85% فقط عن أعلى مستوياته على الإطلاق، فقد تمكّن الرؤساء التنفيذيون من الاستفادة من التعافي بطريقةٍ لم يفعلها الأميركيون. وهذا الأمر لا ينبغي أن يفاجئكم، حيث أنّ الرؤساء التنفيذيين يُكافأون على تقلبات أسعار الأسهم وليس على الأداء. ولذلك، فقد كانت بالنسبة إليهم حالة عدم الاستقرار التي سادت الأعوام الأربعة الماضية خير منفعة.
وفي إطار نموذج التعويضات الحالي القائم على أساس الأسهم، من الأفضل أن يتدهور السهم ومن ثم يتعافى جزئياً على أن يستقر خلال الفترة الزمنية ذاتها. هذا وعلى الرغم من عدم إقرار الرؤساء التنفيذيين في معظم الشركات الكبيرة الحجم بهذا الأمر، إلا أنّ انهيار العام 2008 لم يكن سيئاً إلى هذا الحد بالنسبة إليهم، حيث تمكنوا من الحصول على أجزاء خيارات أو منح بأسعارٍ متدنيةٍ جداً – حرصاً منهم في بعض الحالات على ألا يقلق الرئيس التنفيذي المعني كثيراً بشأن واقع أن خياراته الحالية كانت قيمتها السوقية تقل عن قيمتها الإسمية. إلى ذلك، ولما عمد السوق إلى دفع أسعار أسهمهم صعوداً بالتماشي مع أسهم الآخرين، بدا هؤلاء الرؤساء التنفيذيون كالخارجين عن القانون.
وخلاصة القول إنّ التعويضات على أساس الأسهم لا توازي بين مصالح المساهمين وإدارتهم بل على العكس. وعدم التوازي هذا سيظلّ قائماً طوال العام 2011.
(روجر مارتن هو عميد كلية «روتمان لإدارة الأعمال» (Rotman School of Management) في جامعة تورونتو، له في التأليف كتب كان آخرها «إصلاح اللعبة» (Fixing the Game)).