الجدل الإعلامي الدائر اليوم في الساحة السعودية حول ما يتعلق بقيادة المرأة للسيارة اجتره البعض للمقارنة بينه وبين تعليم المرأة إبان بداياته والمعارضة التي لقيها التعليم. تلكم المقارنة في نظري غير دقيقة فكل من الحالتين مختلفة عن الأخرى شكلاً ومضموناً.
وبعيداً عن الموافقة والاختلاف في أمر قيادة المرأة للسيارة.
إلا أن المؤكد لدى الجميع أن التعليم للمرأة مطلب شرعي أما قيادة المرأة فهو رأي اجتماعي يحتاج إلى نضج وتهيئة اجتماعية تستدعيه الظروف والأحوال التي تفرض قبول هذا الأمر مع الأخذ بالاعتبار حاجة المرأة ومعاناتها.
كما أن الرفض الذي قوبل به تعليم المرأة في البداية لم يكن رفضاً لذات الفكرة بقدر ما هو رفض للآلية والطريقة التي رأى المتحفظون مزيداً من العناية بها. وهذا لم يكن محل استهجان أو انتقاد من قبل الدولة التي قدرت تلك الإرادة بالقدر اللازم اللائق بالاتفاق مع القدر الأدنى من ذلك وهو أهمية التعليم وضرورته.
المؤكد أن التحفظ الذي أبداه البعض كان من آثاره إسناد تعليم المرأة للمؤسسة الشرعية الدينية والتي تحظى بالاحترام من الجميع وهو مؤسسة رسمية حكومية أيضاً.
كما أن إسناد الإشراف على تعليم المرأة للمؤسسة الدينية ووضع الضوابط اللازمة لذلك دفع الجميع إلى القناعة السريعة بالإجراء الحكومي السديد والثقة المطلقة في المؤسسة الدينية التي رعت وأشرفت على تعليم المرأة. بل دفع ذلك أيضاً إلى النقلة السريعة في تعليم المرأة فالمشاهد لتعليم المرأة اليوم لا يصدق أن عمره لا يتجاوز أربعين عاماً رحلت فيه المرأة إلى أرقى الرتب والشهادات والدرجات العلمية الأكاديمية.
كما أن المتتبع لمسيرة تعليم المرأة طوال تلك الفترة لم تشهد أي توترات أو خلافات وذلك نتيجة الثقة المطلقة التي منحت لجهة الإشراف على تعليم البنات التي حققت نجاحاً مثالياً اليوم. اطلعت على وثيقة تتضمن جواباً على خطاب من الشيخ عبدالعزيز الشثري «أبوحبيب» رحمه الله إلى الملك فيصل رحمه الله يناشده فيها الإصغاء إلى وجهة نظر بعض أهل بريدة تجاه التحفظ على تعليم البنات آنذاك وإجابة الملك فيصل أن هناك ثمة توجها كان لإجراء استفتاء على تعليم البنات إلا أنه عدل عنه وأن الأمر الآن بالخيار للجميع لمن له رغبة في إدخال بناته إلى تلك المدارس ومن لا يرغب فلا ضير ولا تثريب عليه وهو في ذلك يؤكد الاحترام الذي تبديه الدولة دائماً لكافة الطلبات واحترام وجهات النظر المتباينة من الموافق والمخالف والرافض لبعض الأفكار.
التباينات التي تشهدها الساحة اليوم توجب احترام جميع وجهات النظر تجاه قيادة المرأة للسيارة إلا أن الاستفتاء الذي كادت أن تقدم عليه الدولة آنذاك هل يكون الحل لنهاية الجدل حول قيادة المرأة السيارة ؟ لا ندري والأيام حبلى بالجديد والمفيد!