الإرادة الملكية في القضاء على الفساد وتجفيف منابعه، والقرارات التي تم اتخاذها في هذا الشأن تحمل كل فرد ومسؤول أهمية كبرى في درء هذا المرض العضال، والذي لا يقتصر على ميدان واحد؛ حيث يتبادر إلى ذهن كل من يستمع إلى محاربة الفساد في بلادنا الجانب المادي، وهذا جزء كبير ومهم ينبغي أن تتضافر الجهود إلى كبح جماح وبتر كل من تسول له نفسه السطو على المال العام وخاصة عقود المناقصات والصيانة والمشاريع الكبرى التي تشهدها المملكة في هذه الفترة التنموية الزاهرة، وهذا يستدعي وقفة جادة ومراجعة جريئة. ولكن الأمر الموازي الذي يقلق ويحتاج إلى جهود وتوعية وشفافية هو ما يتعلق بالفساد الأخلاقي في التعاملات الإدارية؛ حيث يسود لدى بعض الأفراد في القطاعات والجهات مبدأ التفضيل على أساس العلاقات الشخصية والقرابة في الترقيات والمكافآت والتكاليف المالية، وغير ذلك مما يتسبب في ضعف الولاء والانتماء للعمل، ولاشك أن ذلك نوع من الفساد الإداري المخل الذي يحتاج إلى معالجة، والغريب أنه لا يسلم من ذلك حتى من هم في مواقع التأثير والقدوة أصحاب الرأي من المسؤولين؛ حيث يفترض فيهم الابتعاد عن مواقع الشبه والفساد، ولكن: كيف يمكن أن يتم علاج هذا الأمر؟ أعتقد أنه يحتاج إلى سياسات عليا وقرارات صارمة تحسم الأمر في هذا الاتجاه وتعمل على التخطيط لإيجاد نظام بديل يقوم على القدرة والـتأهيل والكفاءة والخبرة وغير ذلك من المقومات العادلة التي تسبق بأي فرد إلى المكان الذي يستحقه ويكون صالحا له.أما الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد فهي تحضر في ظل وجود جهات كان موكلا إليها جزء من مهامها ولكنها لم تقم بالدور على الوجه المطلوب لعدم توفر الصلاحيات أو لغياب الإمكانات والنفوذ، ومن ذلك ديوان المراقبة العامة ومجلس الشورى، ولذا، فإن شكوك البعض في مدى نجاح الهيئة في تحقيق أهدافها يجب أن تؤخذ على محمل الجد، وأن يستفاد من التجارب السابقة وتعدل بعض الأنظمة والسياسات ليتحقق التوافق والتكامل بين هذه الجهات المعنية بحفظ الأداء والمكتسبات وحقوق المواطنين.
Barakm85@hotmail.com