«المساءلة ستطال الكبير قبل الصغير، ولا نقبل أن يقوم المواطن بالبحث عن المياه، وعليكم إيصالها لمنازلهم دون تأخير».. هكذا خرج أمير الحلم فهد بن بدر بن عبد العزيز -أمير منطقة الجوف- عن رداء الحلم الذي توشحه طويلاً مع تقصير بعض المسؤولين، وهكذا تجاوب -حفظه الله- مع أبنائه في محافظة القريات بسبب انقطاع المياه عنهم، فنطق بهذه الجملة المختصرة لكل حديث والمنتصرة لكل حادث مستقبلي، ذلك أن فيها من الصدق والإحساس بالمسؤولية ما جعلها حديث الناس في مجالسهم وأسواقهم ومجمعاتهم وتجمعاتهم ومنتدياتهم الإلكترونية في منطقة الجوف خلال الأسبوع المنصرم، إذ ليس ثمة عقوبة للمقصر أكبر من أن يخرج الحليم عن رداء الحلم الذي توشحه طويلاً وعرف به ليضع يده على الجرح ومواطن الخلل وبواطن الزلل. فعندما يعلن صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن بدر بن عبد العزيز - أمير منطقة الجوف - توجيهاته الكريمة لمحافظ القريات ومدير فرع المياه بالقريات ومطالبته إياهما بإيجاد حل جذري لمشكلة انقطاع المياه وتوصيلها للمواطن دون أن يبحث المواطن عنها، فهذا يعني أن على الجميع أن يدرك أن ذلك التحذير هو البطاقة الصفراء لكل من تهاون في مصالح الناس بعد أن استؤمن عليها، وأن يد العقاب ستطوله ولن يكون بمنأى عن الحصول على البطاقة الحمراء من لدن سموه الكريم متى ما استحقها، فمصالح الناس في عنق سموه الكريم قبل أن تكون في أعناقهم وهو مسؤول عنهم قبل أن يكون مسؤولاً عليهم كما يؤكد سموه الكريم في كل مناسبة خاصة أو عامة. فكانت تلك الجملة -ورغم قسوتها لبعض المسؤولين- أبرد من الثلج على قلوب المتضررين من أبناء المحافظة لأنها نابعة من قلب مسؤول يراقب الله ويتقيه، وما كانت لتصدر بغرض استقطاب فلاشات التصوير ومانشيتات الصحف وتصفيق الحاضرين وتغطيات المراسلين التي لم تكن في حسابات ولا حسبان سموه الكريم، ذلك أنه ينطلق من توجيهات ولاة الأمر - حفظهم الله - بتسخير الإمكانات والإمكانيات لخدمة المواطن وليس العكس، وهنا يجب أن ندرك أن الهدف من هذا الوعيد هو مشاركته - حفظه الله - لأبنائه المواطنين في مآسيهم المتكررة من انقطاع المياه وتكرارها. ولعلنا هنا نستذكر زيارته الميمونة لمحافظة القريات عندما كثرت شكاوى المواطنين من انقطاع المياه والكهرباء عن منازلهم أغلب الأوقات، فأعلن في ذلك الوقت لمدير الكهرباء بالجوف ومدير عام المياه بالجوف بأنه «في حال استمرار انقطاعالماء والكهرباء عن المواطنين ستقطع الخدمة عن منازلكم لكي تشعروا بمعاناة المواطنين». فليس هناك حصانة لمسؤول لدى سموه الكريم، فالمخطئ يعاقب على قدر خطئه والمحسن يكافأ على قدر إحسانه ولا حصانة لمقصر أياً كان منصبه وأياً كانت مكانته. كما أننا لم ولن ننسى زيارات سموه المفاجئة لبعض الدوائر الحكومية في المنطقة والتي آتت أكلها وفي وقت مبكر وكانت بمثابة رسالة لا نشك أنها قد وصلت بالفعل لكل مسؤول وكان مفادها «من لم يراع مصالح الناس فليرحل غير مأسوف عليه». ولا يفوتنا الإشادة بلقاءات سموه الكريم الشهرية المفتوحة مع مديري الدوائر الحكومية بالمنطقة، إذ يجتمع سموه الكريم كل شهر بمدير إدارة خدمية وبحضور المواطنين فيسأله عن إنجازات إدارته ومشاريعها وخططها ثم يفتح المجال لمن لديه مظلمة من تلك الإدارة فيتقدم بها أمام الملأ ويشرحها، فإن كان له حق حصل عليه وإلا ردت دعواه إليه. هذا فضلاً عن استقباله -حفظه الله - يوم الأحد من كل أسبوع للمواطنين والاستماع لشكاواهم وحل قضاياهم دونما تذمر، وهو أسلوب تميز به سموه الكريم فأصبح علامة مسجلة حصرياً له وقد نال براءة اختراعها من شفاه أبنائه الذين يدعون له في باطن الغيب وظاهر الشهادة. فلله درك أبا محمد فقد داويت قلوباً جريحة وأسقيت كبوداً لم تكن رطبة قبل حضورك فأصبحت مبتلة رطبة بعد وعيدك لكل مقصر ومتهاون. فلتهنأ بمحبة الناس لك وليهنأ أهل الجوف بحرصك على مصالحهم وكل عام وأنت وجوفك بخير أيها الأصيل الشهم.