كل الدول العربية ومن بينها سوريا وليبيا صادقت على ميثاق حقوق الإنسان في السلم والحرب العالمي والذي ينصُّ على احترام الحريات الشخصية ومنع التعذيب وحرية الفكر والرأي، وحرمة الملكية الخاصة، وحرمة المنزل والحياة الخاصة. كما أكد عدم التمييز بين المواطنين بسبب اللون أو المذهب أو الدين، وأكد أحقية الأفراد بالاشتراك في الحياة العامة.
وفي العدالة الاجتماعية أكد الإعلان على حق العمل والحق في مستوى العيش الكافي ومجانية التعليم.
هذه القيم لم تنشأ وتستحدث بل هي القيم الأساسية التي اشتملت عليها الأديان السماوية وتميز بها الدين الإسلامي لأنه اهتم كثيراً بالحق الخاص للفرد وفصل فيه من ملكية فردية وحرمة المنزل والدخول إليه وغيرها من الشئون الأخرى.
كل ما فعله الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي صدر في العام 1948 أنه جوَّل هذه الحقوق إلى قيم قانونية تمنح الإنسان حقَّ المطالبة بها لكونه يتمتع بالإنسانية المطلقة، ويحق له العيش وممارسة إنسانيته بكل حرية من خلال التعايش مع الآخرين وتعريف حقوقهم وحدود حرياتهم الممنوحة، كما أكد على قضايا رئيسة ذات علاقة بحق الإنسان الذي رزح تحت ويلات الحروب والكوارث الاجتماعية.
هذه الثقافة الحقوقية تغيب تماماً عن سوريا وليبيا، مع أن الدين الرسمي للدولتين هو الإسلام، فهما الدولتان الوحيدتان في العالم التي يخرج الحاكم فيها ليقول بكل جرأة وتحد: لي الحياة من دون العالمين ولكم جميعاً الموت في الحفر! وما تنقله الشاشات مفجع يمتهن إنسانية الإنسان وكرامته وحقه في الحياة والاختيار, فما بالنا بما يجري بعيداً عن عدسات التصوير، إنه وضع كارثي مخيف لا ترضى عنه النفس الأبية.
فقط في النسخة العربية تعد كلمة (لا) جريمة لا تُغتفر يستحق ناطفها التعذيب حتى الموت جزاءً لما اقترفه لسانه من نجاسة الرفض؟؟ الثقافة الحقوقية الغائبة لابد أن تنتج طواغيتاً مستبدين يحكمون الناس بالسياط والبنادق، يوجهها المنتفعون لصدور أهليهم من أجل أن تبقى المصالح! غياب الثقافة الحقوقية أنتجت أيضاً أسامة بن لادن وأيمن الظواهري حيث الاستبداد والسلطة الدينية مقابل السلطة السياسية في سوريا وليبيا! نسخ عربية أرهقت الشعوب وجعلت المنطقة العربية مضرباً للمثل في الظلم والاستبداد وجرأت إسرائيل على الفلسطينين، فإذا كان هذا ما يفعله بعض حكام العرب في شعوبهم فليس على اليهود من حرج!!
f.f.alotabi@hotmail.com