سؤال بديهي عندما نتساءل عن سبب حب المواطن العربي للحديث في السياسة وهو الذي لديه همومه ومشاكله الاقتصادية والأسرية والاجتماعية.. الخ.
كما هو معلوم أن السياسة لأهلها كما يقول العامة، فلماذا يحصر هذا المواطن اهتمامه بالسياسة ودهاليزها وهو بالطبع لن يعرف خفاياها مهما طال اهتمامه وحديثه عنها. وهناك من يقول إن اهتمام المواطن العربي هذا منبعه أنه ربما يعتقد بأن أموره واحتياجاته تمر عبر السياسة وأمره ومصيره مربوط بها وبتداعياتها، وهناك من يقول إن الحديث في السياسة هو تنفيس لهذا المواطن ويستطيع قضاء فراغه وبالساعات في الحديث عنها وهو الحديث الذي لا ينتهي وكل يوم جديد على المواطن العربي يحل بنبأ جديد، فالسياسة محوره وفي بعض الشعوب العربية وخاصة متوسطة الدخل تمر تلبية احتياجاتهم الحياتية والمعيشية عبر الأمور والقضايا السياسية، ولذا فالسياسة ممر لكل القرارات الخاصة بهم، ومن هذا المنطلق تحولت لتكون بوابة حياتهم وتقرير مصيرهم، وأحياناً هناك من يسمي الحديث والجدل حول أي قضية مهما كانت هو (حديث سياسة) بمعن أن كل نقاش في أمر ما يتم حوله جدل واختلاف في الرأي، فهو يعتبر بمثابة نقاش يدخل في مضمونها وليست السياسة محصورة في المعنى الذي يحبه المواطن العربي، حيث يعرف لدى العامة أن كل طريقة ينتهجها الإنسان سواء في إدارته أو تعامله في شركته أو مع الآخرين وأسلوب علاقته مع الناس أو الأصدقاء بما يسمى سياسة فلان كذا وكذا أو فلان ينتهج سياسة معينة في تعامله، ومن هذا المنطلق اختلط الحابل بالنابل، وأصبح الحديث والنقاش سرعان ما تحول إلى مفهوم سياسة والبعض ركب الموجة لكن المؤسف أن أغلب من يتحدث في السياسة وعلل بعض أحداثها الواقعة في عالمنا اليوم هم من الجهلة الذين لا يعرفون أساليب ومناهج السياسة المعروفة وبالتالي هم يتحدثون بلغتهم ورؤاهم بشكل تقليدي وغبي لأن الحديث في السياسة له مرتكزاته وعوامله وقواعده التي يعرفها المختصون في عالم السياسة وليس أصحاب المجالس الذين يتحدثون وفق مداركهم الضيقة وهم لا يفقهون في السياسة شيئاً، وكما يقال أحياناً في السياسة ممارسات غير نظيفة ومراوغة وخداع وحديث العامة تلقائي ومبني على النتائج والظنون والتوقعات والسياسة لا تعترف بهذا لأنها علم وفن لا يخضع للتوقع والتأويل لذا عرف المواطن العربي بالحديث في السياسة للتسلية فقط.
- شقراء