عقود الإذعان هي تلك التي يعدها مقدمو الخدمة لجمهور المستهلكين لتنظيم حقوق والتزامات الطرفين. وأُطلق عليها تسمية عقود (الإذعان) لأنها تعد من قبل طرف واحد، وهي غير قابلة للنقاش والمفاوضة، وما على المستهلك سوى قبول شروط العقد والتوقيع عليه والالتزام به، أي الإذعان لشروط العقد. وهي بهذه الصفة تختلف عن العقود التي يجري التفاوض بشأنها بين طرفي العقد بحرية تامة.
ومن صور عقود الإذعان بالمملكة، عقود خدمة الكهرباء، والهاتف، وعقود البنوك، والتعليم الخاص، وغيرها من عقود مقدمي الخدمات.
وهذا النوع من العقود لا غنى عنها من الناحية العملية. فمقدم الخدمة الذي يتعامل مع آلاف المستهلكين ليس على استعداد لتحرير عقد خاص لكل عميل، وإنما إعداد عقد نموذجي واحد مطبوع مقدماً وجاهز للتوقيع لمن يرغب في الخدمة لتسهيل التعاملات والعمل وفق مرجعية واحدة.
لكن الجانب السلبي لهذه العقود أنها تعد من قبل مقدمي الخدمة ويعمل بها دون عرضها على من يمثل جمهور المستهلكين لعدم وجود من يمثلهم. أو دون رقابة الدولة للتأكد من أن شروط العقد متوازنة ولا يوجد فيها إجحاف أو إرهاق للطرف الضعيف (المستهلك). ولذلك نجد أن الكثير من الدول تخضع تلك العقود لمراجعة هيئات المجتمع المدني المعنية، ولأجهزة الدولة التشريعية أو التنفيذية لإجازتها قبل العمل بها.
في المملكة، في ظل عدم وجود رابطة تمثل المستهلكين، عكس مقدمي الخدمات الذين يمثلون في الغالب بلجان وطنية في ظل الغرف التجارية والتي تسهر على رعاية مصالحهم، ومن أمثلة ذلك لجنة التعليم الأهلي في الغرف التجارية، ومكاتب الاستقدام الأهلية، مطلوب حقيقة تدخل ودور فعال للدولة بواسطة أجهزتها التنفيذية لحماية المستهلكين من الشروط الجائرة لعقود الإذعان وإعادة التوازن إليها. فغياب رقابة الدولة شجع تلك الجهات العمل بعقود من طرف واحد دون مراعاة لمصالح المستهلكين وظروفهم. فالتعليم الخاص يبالغ في تكاليف الخدمة دون ضمان لجودة التعليم التي يقدمها ودون مساءلة، والبنوك تعد ما تشاء من عقود مجحفة في بعض شروطها.
وآلية الرقابة المقترحة على تلك العقود سهلة جدا،ً حيث يمكن إناطتها بالوزارة التنفيذية التي تشرف على قطاع الخدمة، كوزارة التربية والتعليم بالنسبة لقطاع التعليم، وهيئة الاتصالات بالنسبة لخدمات الاتصالات، ومؤسسة النقد بالنسبة لخدمات البنوك، ووزارة العمل بالنسبة لمكاتب الاستقدام الأهلية. ويمكن لتلك الجهات استطلاع رأي الجمهور عن أي من عقود الإذعان بأية وسيلة تراها مناسبة قبل إقرار العمل به.
malshmeri@hotmail.com