في مناخ من البهجة والسعادة التي يعيشها أبناء المملكة العربية السعودية مع إطلالة الذكرى السادسة للبيعة المباركة الميمونة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أمانه ومسؤولية قيادة هذا الوطن؛ ليبدأ مسيرة عهد زاهر من التنمية والعطاء في مثل هذا المناخ الناطق بالخير المسجل لصفحات ناصعة زاخرة بالنماء، يأتي الأمر الملكي الكريم بالموافقة على الخطة التفصيلية والجدول الزمني المتضمن الحلول العاجلة قصيرة المدى والحلول المستقبلية لمعالجة تزايد أعداد خريجي الجامعات المعدين للتدريس وحاملي الدبلومات الصحية بعد الثانوية العامة.
وتأتي وتصدر هذه الخطة لتتصدى ببرامج واضحة محددة لمعالجة مشكلة البطالة التي تؤرق مجتمعنا، والتي أخذت آثارها تبرز للعيان؛ لتشير بضرورة الحلول الحاسمة والمعالجة الفاصلة لتلك المشكلة التي لو تركت لعصفت بمستقبل شبابنا؛ ولذلك جاءت الخطة التفصيلية لتضع النقاط فوق الحروف، مستلهمة من صدق صاحب القرار - أيده الله - ووضوحه وإنسانيته وحرصه على مصلحة الوطن والمواطن العديد من الجوانب العملية والتطبيقية؛ فقد حددت الأعداد المطلوب توظيفها وتلك التي تستهدف إعادة تدريبها وتهيئتها لسوق العمل، والإجراءات اللازمة لوضع هذا القرار وما يستتبعه موضع التنفيذ، كما وضعت التيسيرات المالية التي تتطلبها طبيعة عمليات إعادة التأهيل، والتي سيتولاها صندوق تنمية الموارد البشرية، وكذلك ما تستلزمه عملية الإسراع بسعودة الوظائف من إجراءات في القطاعَيْن الحكومي والأهلي، كما حددت الخطة إجراءات عملية فاعلة لدعم التوظيف في القطاع النسوي، سواء في الميدان التعليمي أو الصحي أو الاقتصادي، وغيرها من الميادين التي تتناسب وطبيعة المرأة وخصوصيتها التي تعتز بها وتحرص عليها في مجتمعنا.
وهكذا جاءت الموافقة الكريمة على هذه الخطة الشاملة لتعالج أوضاعاً عديدة في سوق العمل، ومع شمولية هذه الخطة وما تحتويه من إجراءات تفصيلية محددة؛ فقد تضمنت برامج تناولت سبل المعالجة الآنية والمستقبلية لمشكلات البطالة، وجعلت من رفع جودة مخرجات التعليم العام وتنفيذ البرامج الفاعلة فيه أساساً لدرء أخطار العودة إلى منابع البطالة ومسبباتها.
وبمثل هذه الشمولية والتحديد الواضح للمدة الزمنية اللازمة للتنفيذ جاءت هذه الخطة التفصيلية في أجواء مفعمة بذكرى البيعة المباركة التي هي عزيزة على قلوب أبناء الوطن؛ حيث ارتبطت هذه الذكرى بمسيرة الإصلاح والنهضة المباركة، التي يقودها خادم الحرمين الشريفين بحكمة وقوة ومهارة، يعززه فيها ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني، ويقف معه وخلفه شعب وفيّ يُقدّر للقيادة مكانتها، ولقيم الصدق والنزاهة وحب الوطن قيمتها. إنه شعب يدرك مكانة وطنه بين الأوطان، ويعرف أن ما تحقق على أرضه من إنجازات في فترة قصيرة في عمر الأزمان هو مفخرة بكل المقاييس؛ فقد طالت التنمية مختلف جوانب الحياة ومختلف أصقاع المملكة، وقد آن الأوان لمواجهة المشكلات التي تعترض مسيرته المظفرة بكل جدية وحسم، وليس هناك مشكلة أعظم أو أدهى من مشكلة البطالة التي فرضتها ظروف الخطط التنموية المتلاحقة والتوسع في برامجها التعليمية والاقتصادية والاجتماعية، فكان من بين إفرازاتها تلك الأعداد المتزايدة من الخريجين الذين لا يجدون فرصة عمل مناسبة، وأصبحوا بحاجة إلى التأهيل الجديد لينخرطوا في سوق العمل بمهارات جديدة مناسبة وبخبرات حقيقية مطلوبة.
إنّ هذا هو صميم ما اشتملت عليه الخطة التفصيلية التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين - يحفظه الله -، والتي استبشر بها أبناء الوطن؛ كونها تحمل في طياتها ومضامينها حلولاً حاسمة للبطالة.
ومع هذه الخطة الشاملة يظل الأمل معقوداً على تنفيذها من قِبل الوزارات والهيئات والجهات المختصة بالوضوح والطموح نفسيهما اللذين تضمنهما الأمر الكريم؛ فتنفيذ الخطة بتفاصيلها وبرامجها وفي مددها الزمنية المحددة سيترك آثاراً إيجابية طيبة على مجتمعنا بصفة عامة وشبابه على وجه الخصوص، الذين يثقون بحكمة قيادتهم، ويدركون مدى حرصها على ما فيه صالحهم ومستقبلهم، ويتطلعون إلى أن تصبح المؤسسات التنفيذية على قدر هذه الثقة؛ حتى يظل طموح الوطن وأبنائه متجدداً في هذا العهد الزاهر الميمون.