في الملتقى العلمي لأبحاث الحج ومعرض الحج والعمرة التقى ألف خبير ومختص لمناقشة خمسين ورقة علمية، وبالتأكيد أنها أوراق ثقيلة أعدت منذ زمن طويل وقام عليها خبراء ومختصون محترفون ولكن ماذا ستكون النتائج؟ وهل ينقصنا ذلك؟ وهل سننفذ توصيات الملتقى! بالتأكيد أنها أسئلة محورية وهي مهمة جداً ولا شك أننا نحتاج خبرة وأمانة وصراحة وقوة لنلخص تلك الأوراق المقدمة للملتقى.
الدكتور حبيب بن مصطفى زين العابدين وكيل وزارة الشؤون البلدية والقروية رئيس الإدارة المركزية للمشروعات التطويرية والمكلف من الوزارة بتطوير ومتابعة مشاريع المشاعر بمكة المكرمة، جهوده لا تخفى على كل مطلعٍ على تطوير المشاعر، وأحسبه والله حسيبه من المخلصين للدين والوطن الذي تعجبني فيه صراحته وشفافيته حيث اختصرها بهذه الجملة الرائعة (تعدد الجهات الحكومية واختلاف الآراء وراء تأخير بعض المشروعات). ولقد لمس الجرح الذي يعاني منه الكل، إذ لا يمكن لنا أن نطور المشاعر المقدسة كما ينبغي والمشاركين بالقرار هم مئات الأشخاص من متخصصين ومسؤولين و قياديين.
لا شك أن أغلى ما اختصنا الله به هي تلك المشاعر المقدسة التي تهوي إليها أفئدة المسلمين من كل الدنيا ولذا فإن من ظلمها أن تتشتت بين هؤلاء المسؤولين مهما كان علمهم ومكانتهم، أعتقد أننا نحتاج إلى إعادة هيكلةٍ لإدارة المشاعر المقدسة، مثلاً بتشكيل مجلس إدارة مكون باحترافية إدارية عالية لديهم التفويض والصلاحيات المطلقة بالتطوير الشامل ولا بد أن تتوفر لديهم النظرة الشاملة التي تبدأ من وصول الحاج والمعتمر للسعودية حتى خروجه، وإيجاد خططٍ طويلة الأجل للتطوير الشامل الذي يسابق الزمن ليكون الهدف أن نستوعب مئات الملايين من الحجاج والمعتمرين.
إنها حقاً فرصة عظيمة لنيل الأجر من الله عز وجل عندما نحقق ذلك، فالذي خلقنا وشرع لنا تلك المشاعر يعلم أن العلم والتطور سيصل لما وصلنا إليه وكذلك يعلم سبحانه أن أعداد المسلمين ستصل لهذا العدد وأكثر، وإنها لفرصة عظيمة لكسب الأجر العظيم من الله عز وجل وكذلك زيادة الدخل القومي كما قال تعالى:{لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ} (27) سورة الحج، وسيفتح بإذن الله أرزاقاً لأجيالنا القادمة لا يمكن حصرها.
وفي حالة أحسنا حصر الإدارة لجهة واحدة سيكون هناك تطوير إستراتيجي ينبني عليه كل شيء، كما لا بد أن نغير مفهومنا لمواسم الحج والعمرة والتعامل معها على أنها فرصة وليست أزمة وأنها منحة وليست محنة.
وإن التطوير الجزئي القائم على إيجاد الحلول للمشاكل المصاحبة لمواسم التوافد ليس إلا مسكناتٍ قائمةٍ على ردود الأفعال المؤقتة التي لا يمكن الاعتماد عليها في المستقبل القريب ناهيك عن عقودٍ من الزمان يزداد فيها التوافد لتصبح تلك الحلول عديمة الجدوى في مواجهة المتغيرات المتسارعة.
لقد كرس خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني كافة إمكانيات الدولة ومواردها لخدمة الحرمين الشريفين وضيوفهما من جميع أصقاع الدنيا، برؤيتهم القيادية لتطوير وتحسين الخدمات المقدمة لحجاج بيت الله الحرام وتسهيل حجهم بأحسن ما يمكن والتي من أهمها وآخرها قطار المشاعر الذي لولا الله عز وجل ثم قرار الملك عبدالله السريع والجريء بتذليل العقبات له، حيث أعطى لوزيره صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالعزيز كامل السلطة بتنفيذ القطار بأسرع وقت دون الرجوع للمستشارين واللجان وبيدٍ سخيةٍ استرخصت كل غالٍ لخدمة بيت الله.
وختاما نهنئ أنفسنا بتلك القيادة التي جعلت خدمة المسلمين أولى اهتماماتها، وبالوزير السابق الأمير متعب بن عبدالعزيز الذي سابق الوقت وحقق الكثير، وبأمثال الدكتور زين العابدين الذي انطبعت بصماته جليةً في تطوير المشاعر.